: طعام قطط
الأديب / رفيق ر اشدي / يكتب
قصة : طعام قطط بقلم د. رفيق راشدي
نفس القصة بثلاث مستويات من السرد من الأطول إلى الأقصر، أرجو أن تنال إعجابكم، رأيكم يهمني.
المستوى الأول:
ثلاث شرائح ستيك، فخذ ضأن، أضلاع، لحم رقبة، كيلو لحم مفروم طازج، ثلاث دجاجات، هل بقي شيء من فيليه الضأن؟، أريد كيلو من السّجق.
تداخلت الطلبات عند الجزار، كان الزبائن متلهفين لأخذ مايريدون خشية أن يفرغ المعروض، ومع أن ثلاجات العرض كانت مملوءة بكل أصناف اللحوم ،قد ترى من حين لآخر زبونا واقفا في الطابور يطيل رأسه لرؤيتها كلما سمع بأن صوتا صادرا من زبون آخر وهو يطلب من أحد الباعة النوع الذي يريد اقتناءه.
وحدها كانت واقفة على طرف أحد الثلاجات حاملة كيسا بلاستيكيا وتنظر في وجه أحد الباعة الذي كان مستغرقا في تلبية طلبات الزبائن، حتى لمح المرأة الواقفة فلاحت في وجهه إيماءة من تذكر شيئا ، رفع علبة من الأرض ووضع ماحوته في الكيس الذي كانت تحمله، مُلأ وجهها بابتسامة عريضة وخرجت كمن غنم ثروة، همس أحد الواقفين لصاحبه: لا أعتقد أن قطط السيدة ستجد ماتأكله في هذه البقايا.
في مكان معزول عن المدينة، كان جسد المرأة النحيف يسارع الخطى ، ثوبها الذي لا تستطيع أن تتبين لونه الأصلي من كثرة ماعلق به من بقع كان لايسمح لذرات الغبار المتناثر من الولوج لطياته، لقد اخشوشن بفعل ما طاله، ماإن وصلت لبيتها حتى استقبلتها القطط العجفاء بمواء الجوع والشكوى، دلفت الباب بسرعة البرق وكأنها لم تسمع شيئا، كانت بناتها الثلاث في الغرفة ، الكبرى محتضنة الصغرى التي كانت على وشك النوم، أما الوسطى فقد كانت تلعب بدمية عارية، متناثرة شعر الرأس ثقب بطنها وملئ حصى دقيقة، اتجهت الأم صوب غرفة أخرى كانت أضيق من الأولى ، أخرجت من كيس حبتا بطاطا، وحبة بصل ، قشرت الكل ووضعته في قدر مع ملعقة زيت يكاد لونها يكون أسود من قدمه وكان كل ما تبقى من مخزونها الموضوع في قارورة ماء صغيرة، أفرغت الماء في القدر وأغلقته بغطاء، سرعان ما تسللت رائحة غريبة لأنف البنت الكبرى ، فأتت تستقصيها.
هل هي رائحة طبخ يا أمي؟
لم تجبها وحملت كيس الجزار وهمت بإفراغ محتواه في القدر وأجابتها ، نعم سنتاول حساء دجاج يا بنيتي، غمر وجه البنت سعادة هطلت عليها كمطر فجاء أتى أرضا قاحلة ،أخذت البنت تستنشق الرائحة من جديد لتحفظها في ذاكرة أنفها والذي غابت عنه لمدة وخرجت سعيدة لتبشر أختها الوسطى.
فتحت الأم الكيس ورأت مافيه، كانت هياكل لصدور دجاج نزع منها لحمها ليباع لمن هم أقدر على شراءه، تحسرت قليلا لأنها لم تجد جلود الدجاج التي كانت تتأمل وجودها، لقد قال لها يوما بأن الجلد والشحم يعطيها لأحد التجار ليطعم بها كلبه.
وضعت نصف ماحواه الكيس في القدر بعناية وتركته ينضج وخرجت تفرغ النصف الآخر لقططها العجفاء ، انهالت عليها بأنيابها برهة من الزمن قبل أن تبتعد وتعود للمواء من جديد، لم تجد ماتأكله فيها، ابتسمت المرأة ودخلت لتنادي على بنتها الكبرى : أيقظي أختك الصغرى ، حساء الدجاج سيكون جاهزا بعد قليل.
المستوى الثاني:
واقفون ينتظرون ليطلبوا مالذ وطاب من أنواع اللحوم، إلاها النحيفة كانت بكيس تشحذ هياكل صدر دجاج نزع اللحم منه ليباع لأجساد ممتلئة بجيوب مثقلة ، حملته وذهبت، فرحة هرولت لبيتها منعدم الروائح، اقتسمت الكيس مع قططها العجفاء، نادت على ابنتها الكبرى : أيقظي أختك حساء الدجاج سيجهز بعد قليل.
المستوى الثالث:
بين أكوام اللحم كقطة ماءت.
حملت الهياكل ولبيتها هرولت.
أجابت ابنتها السائلة عن العشاء: سيكون حساء دجاج.
تعليقات
إرسال تعليق