في انتظار العشاء






الأديب / محمد سلاك / يكتب

 في انتظار العشاء

جلست العائلة في بهو الدار تنتظر موعد العشاء، كان أبي يترأس الجلسة بحضور عمي الأستاذ، و بعض إخوتي كانوا في غمرة النشاط و هم يتبادلون اطراف الحديث، تارة يضحكون و تارة يتكلمون بجد و هم ينتشون بشرب أكواب الشاي الأخضر، فجأة انتقلوا لموضوع كنت أخشاه مند البداية، لقد حشر عمي نفسه فيما لا يعنيه و بادرني بالسؤال  ماذا فعلت في موسمك الدراسي هل حققت معدلا مقبولا؟

نظر أبي في وجهي و تغيرت ارتسامات وجهه قائلا. 

إنه حقق إنجازا فجاء في ذيل اللائحة .

تعالت الضحكات و أحسست بالحرج فأنا أعرف أبي 

جيدا،  أتبعني بسيل من الشتاءم و حاولت الفرار إلا 

أنه  أرغمني على الجلوس في انتظار النهاية. 

أنت كسول ،ذكرني بأقراني من التلاميذ الذين نجحوا

في تلك السنة، و أقسم أنه سيلقنني درسا لن أنساه. 

أصبت بالإحباط فلم يتبق له إلا دقائق لينهال علي بالضرب، حاولت عبثا التظاهر بالنوم ،لأ كفي نفسي عناء الموضوع، و إذا بعمي يذكر أبي مرة أخرى ببعض الوثائق القديمة المشؤومة ، كانت لأرض عذراء غابوية ورثوها عن أجدادهم و تتموقع وسط الغابة. 

طلب مني أبي الإنتظار و ذهب للبحث عن الأرشيف 

فأحضرها كانت عبارة عن مخطوطات قديمة من عهد الإستعمار الفرنسي و قد كتبت باللغة الفرنسية، مدها للعم إلا أن هذا الأخير اعتذر بضعف الرؤية و أشار بيده نحوي.أخذت الورقة الأولى نظرت فيها أتمعنها  جيدا إلا أن أبي أرغمني على الإسراع  و شرح ما فيها بدون تردد. تلعثمت الكلمات في فمي، أخذت اتهجأ بشكل ركيك فالكلمات لم تكن واضحة ، و ما زال أمامي الكثير،لشرحه المساحة الحدود أسماء الجيران نوع الوثيقة رقم التسجيل الشهود ، لم يتمالك أبي نفسه فانهال علي بالضرب و هو يصيح ،

 ألهذا أضعت المال و الوقت لتدريسك و أنت لا تجيد

حتى القراءة ،متى ستترجم كل هذه الوثائق؟

كان يظن أنني فكتور هوكو او كانط او إميل زولا. 

تعالت الصيحات أكثر من السابق، العيون كلها محدقة و موجهة نحوي نظرت إلى الباب الخارجي الذي كان مفتوحا، فاستجمعت قواي و هرولت خارجا دون أن أعلم  اتجاهي ،فاتني موعد العشاء و بقيت متواريا عن الأنظار طيلة ثلاثة أيام حتى هدأت العاصفة  تدريجيا فعدت الى المنزل متحاشيا نظرات أبي الساخطة.


محمد سلاك

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع