تبغ و تين
الأديب / محمد سلاك / يكتب
تبغ و تين
كان مارا عبر طريق جبلية حين استرعاه وجود خيالة بالقرب من الدكان الوحيد القابع في قلب الجبال، توقف ظانا أنهم يقتسمون مساعدات إنسانية أو ربما أكياس الدقيق المدعم، سأل أحد الزبائن ماذا يفعل هؤلاء هنا؟
فأجابه الأخير إنهم النفاحون ذوو العمامات يتسابقون بخيولهم دون أن يتنازلوا عن نفحتهم، و هي نوع من
التبغ يستنشقونه بأنوفهم ليحصلوا على تلك النشوة الغريبة، انطلقوا لحال سبيلهم، فتركوا صاحب الدكان
وحيدا ، صاح مبتهجا الآن ساغلق و سأذهب إلى الحقل القريب لأرى منتوج التين لقطفه فغدا يوم السوق الأسبوعي، رافقه الأخير و في الطريق كان يعدد الصناديق المحتمل قطفها حتى أنه وصل في تعداده إلى ستة و جعل نصب عينيه مبلغا من المال يكفيه لتغطية الحاجيات و اقتناء السلع الناقصة.
لم يكد يصل حتى أصيب بالذهول الأشجار فارغة لا تظهر فيها الا بعض الحبات الخضراء و الأغصان قد تكسرت و كأن حربا دارت وطيسها هنا، لم يتمالك أنفاسه و أسرع نحو المنزل و هو يصيح بأعلى صوته فاطمة أنت طالق بالثلاثة، إن لم تخبريني من عاث فسادا و سرق المحصول، أستقبله كلبه بحفاوة محركا ذيله إلا أنه باغته و أتبعه بسيل من الحجارة أخذ ينبح من الألم حتى غاب عن الأنظار و اختفى وسط بعض الأحراش.
خرج الجميع من المنزل بمن فيهم الأولاد و حتى الراعي كلهم نفوا علمهم بما حدث، فلا أحد يجرأ على الإقتراب من ذلك الحقل المشؤوم، و إذا بجار قريب يصيح من بعيد و ينادي باسم صاحب الدكان، إنهم النفاحون لقد مروا من هنا، و قطفوا الثمار و حملوها على ظهور الخيل، قبل أن يقصدوا الدكان، ظننت أنهم دخلوا بمشورتك .
تذكر بقايا التين و القشور المرماة بجانب الدكان فشد رأسه بكلتا يديه، مرددا لقد فعلها بي أولئك الأوغاد.
محمد سلاك
تعليقات
إرسال تعليق