مطب في الطريق
الأديبة / أناستاسيا أمال / تكتب
مطب في الطريق( الجزء الأخير):
ولزمت سيرين انتظارها لباسل يومين، حتى أجبرتها أسرتها على العودة للبيت، فعاشت نفس الأزمة النفسية التي مرّ بها آنفا وهي تحاول إقناع الجميع بنجاته من أنياب السباع، لكنهم يحرصون على ضرورة تناولها للمهدئات، غير مبالين بقلبها النازف ألما على فراقه، ووالده أقام في ذلك المكان الذي شهد على مفارقة ابنه للحياة، يمني نفسه باللحاق به، ويحيا على بقايا رائحة حبيبه الراحل.......، فلحقت به خليلته وأولاده.
قالت له زوجته:" سبحان الله، بمجرد ما أنهيت دعائي، عثرت عليه وأحضرته، ربما هذا الذي ينقذ حبيبتنا مما هي فيه"، رد عليها:" ليستجيب للعلاج أولا، وتتحسن حالته، ثم نفكر في مصلحتها بعد ذلك"، قال له الطبيب بعدما أنهى فحص الشاب: "ماذا حدث له بالضبط؟!، وأين وجدته"، رد عليه:" كان يدافع عن غزالة مواجها لنمر أسود، حتى انقض عليه، ولحسن حظه أنّني تواجدت هناك ببندقية صيدي في الوقت المناسب، وخلصته من أنياب ذاك النمر"، قال له مشخّصا لوضعه:" نرجو ألّا يتعفن جرحه من تلك الأنياب لأنها مليئة بالميكروبات، والشاب ضعيف البنية، ولا يقوى على مقاومة أي دخلاء على جسده"، سأله:" والحل؟!"، أجابه:
"يجب الاعتناء به جيدا، خاصة من ناحية الأكل والشرب"، فابتسم معه قائلا:" فلتطمئن إذن سيتحسن بعد مغادرتنا لهذه البلدة، إلى قريتنا ذات الهواء العليل والجمال منقطع النظير"، فشكره على طيبته وإحسانه وغادر.......
ومضت الشهور والسنين، وباسل لايزال محافظا على أمانة ذلك الرجل، محسنا ومحبا لها، وسعيدا بأولاده منها:" جنة، منصف، يونس"، وبعدما تفوق عليها المرض ماتت، فحزن كثيرا عليها، وقرر العودة إلى بلدته، ليجد عائلته رحلت، فسأل جيرانهم :" إلى أين؟!"، فزودوه بالعنوان، لما رآه ذهل وأسرع إليه، ووابل الذكريات يهطل عليه بغزارة، ولهفة معانقة الماضي تزداد شيئا فشيئا، فجأة وبسرعته في القيادة، دهسها لتفر عاليا بضع مترات، صرخ بقوة:" يا لحظي، أأفعلها مجددا وفي نفس المكان؟!"، وترجّل من السيارة باحثا عن ضحيته، ليجدها هي نفسها جنته التي فقدها قبل عشرين عاما، قال مخضوضا عليها: "جنتي سأنقذك تحملي، أرجوك، تحملي، وهذه المرة لن أسمح لأي شيء بإبعادك عني"، ابتسمت قائلة بنفس بطيء:" الحمد لله أنني كنت صادقة في حدسي، ليتهم يرونك ليتوقفوا عن نعتي بالمجنونة، وإن كنت كذلك فبك أنت، يا......و نظرت إليه بشوق غامر"، نظر إليها بعينين تفيضان بالحب حد العشق، وقال:" باسلك دائما لك وإن ابتعد لظروف، ها هو قد عاد إليك ولن يتخلى عنك مهما كان يا جنتي"، ابتسمت وقالت:" كان اسمي سيرين، ولكن بعدما علمت بما سميتني به، جعلته اسمي، وكم تعلقت به لأنه أعز هدية منك إليّ"......
أناستاسيا آمال
تعليقات
إرسال تعليق