الصفعة



 قصة ~ الصفعة 

الكاتب ~ خليل الشلتوني ~ يكتب..

~~~~~~~~~~~~~

،،،،،،،، الصفعة ،،،،،،،،،،

أنهيت جولة ممتعة برفقة صاحب المصنع الشاب المهذب  ذي الهمة العالية والطموح الغير محدود .

كنت أشعر بالسعادة  الكبيرة فهي المرة الأولى التي تتاح لي فيها الفرصة لزيارة مصنع لإنتاج خطوط ذبح الأبقار والأغنام والدجاج .

نظر إلي صاحب المصنع مبتسماً 

_ أكيد أنك قد تعبت . فأنت في سفر منذ الصباح ، سنذهب يا صديقي للعشاء أولًا ً ومن ثم نأخذك إلى الفندق لكي ترتاح ثم بالغد يكون لنا  لقاءٌ آخر  ،

بادلته الابتسامة 

_فعلاً  أنا متعب جدأ ولكنني أيضًا مسرور ، وأتمنى غداً أن نتم الصفقة ثم تابعت ضاحكاً ، المهم يا صديقي أن يكون سعر المسلخ مقبولًا. 

هههه ، ضحك قائلاً 

_لا تقلق ، أنت دخلت قلبي وسأعطيك سعراً لم تكن تحلم به  ، والآن هيا إلى المطعم الإسلامي .

سفرة عامرة بكل ما لذ وطاب من أنواع الطعام الصيني ، بحريات ، دجاج ، لحوم ، وخضروات من كل الأصناف ، 

وأخيرًا وصل طبق الفاكهة الكبير الفاخر .

كان الحديث معه شيقًا منوعاً سألني عن الإسلام مع أنه غير مسلم ولكنه يعرف الكثير عن الإسلام وسألني عن فلسطين وعن غربتي ، ثم تناول تفاحة فخمة حمراء بلون الورد الجوري وقدمها إلي مبتسمًا قائلاً 

_تفضل والله نحن بنعمةٍ كبيرةٍ جدأ ،  ولم نكن نحلم بها .

_الحمد لله , فعلاً معك حق نحن في نعم لا تحصى ،، 

أخذت أجول بنظري في أنحاء المطعم الكبير والذي ليست به طاولة فارغة ، طاولات تزدحم بكل ما لذ من نعم الله ، تناولت التفاحة شاكراً له لطفه وكرمه .

_يا سيد خليل ، لي مع حبة التفاح قصة جميلة لا يمكن أن أنساها .

قاطعته قائلاً

_أحب أن أسمعها إذا لم يكن لديك مانع .

اعتدل في جلسته وتناول تفاحة جميلة نظر إليها متأملا وشعرت به وكأنه قد تركنا ليسرح في ذكريات الماضي ، عاد ينظر إلي ثم قال 

_عائلتي يا سيد خليل مثلها مثل معظم العائلات الصينية البسيطة ، محدودة الموارد ، فقيرة إلى حد ما ، ولكن هنا في الصين الطموح والاجتهاد لم يكن مناطاً بالدولة فقط بل هو  واجب على الأسر والأفراد على حد سواء ، الكل شركاء في حمل المسؤولية ولذلك وصل الشعب الصيني إلى ما وصل إليه بالهمة والسهر والتعب وقد تحملنا ظروفاً معيشيةً صعبة جداً.ً

هززت رأسي قائلاً وانا أشهد على ذلك ، فالتجار اللذين أعمل معهم في مدينة ايوو لا يعرفون الكلل ولا الملل ، يصلون الليل بالنهار بحثًا عن كل ما هو جديد ويطورون أنفسهم يوميًا سعياً لكسب أكبر عدد من الزبائن ،

هز رأسه مبتسماً 

_نرجع لموضوع التفاحة،

كما قلت لك يا سيد خليل نحن من عائلة محدودة الدخل ، ليست بالفقيرة ولكنها مستورة، 

وفي يوم من الأيام أحضر والدي مع العشاء تفاحة حمراء جميلة تأسر قلوب المتلهفين لتذوقها وكانت هذه هي المرة الأولى التي أرى فيها التفاحة عن قرب ، ومثلي مثل كل إخواني الخمسة كنت متشوقًا إلى تذوق طعم التفاح ، 

وما إن  إنتهينا من تناول طعام العشاء وبدون أدنى تفكير تناولت  حبة التفاح بلهفة كبيرة سابقاً كل إخوتي وقضمت منها قضمة لا أنسى طعمها ما حييت ، وفجأة يا صديقي تلقيت صفعةً على خدي كذلك لا أنسى طعمها ما حييت ،،

ههههههه

وهنا اختلط في فمي طعم التفاح اللذيذ مع ألم الصفعة وضعت كفي على خدي ومع ذلك لم أتوقف عن المضغ والتلذذ. 

تناولت أمي غاضبة من يدي حبة التفاح  وهي تقول 

_ليس هكذا يؤكل التفاح يا ولدي ، 

هدأت أمي قليلاً ثم ابتسمت وهي تمسح بيدها الحنونة مكان الصفعة ،،

_لا تزعل يا بني فلإخوانك  نصيب أيضاً منها ، ثم تناولت   سكيناً صغيرًا وقطعت التفاحة على شكل هلة قمرية .

ثم قالت مبتسمة والآن تفضلوا ، 

تم الهجوم على التفاحة بلهفة وشوق 

فكان نصيب كل واحد منا هلال قمري  ، 

كنت أستمع إليه مستمتعاً  لذلك لم أقاطعه  ولو بكلمة واحدة ثم تابع سائلاً

_يا سيد خليل هل رأيت بالأسواق الآله الخاصة بتقطيع التفاح على شكل هلة ، 

_نعم ، نعم رأيتها وعندي بالبيت واحدة منها والحقيقة وبرغم بساطة فكرتها إلا أنها رائعة جداً أجبته مبتسماً ، 

ههههههههه ضحك صاحب المصنع مسرورا ً ثم قال 

جميل جداً

وبكل تواضع يا صديقي أنا صاحب هذه الفكرة وأنا أول من نفذها أيضاً  ،وذلك  كله بسبب الصفعة التي لم ولن أنساها ما حييت ثم تابع ضاحكاً

هههه، 

(الصفعة أم الإختراع )


خليل الشلتوني 

الأردن

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع