الطفل المربي
قصة ~ الطفل المربي
الكاتب ~ معروف عبد الرحيم ~ يكتب..
~~~~~~~~~~~~~~~
القصة رقم 03
*الطفل المربي*
*(ألقيت بمناسبة توزيع الجوائز على التلميذات والتلاميذ بثانوية السلام الاعدادية )
***************************************************
الطفل المربي !
رجل في الأربعين من عمره ،يبدو من لباسه الأنيق ،ورابطة عنقه المزركشة ،وحقيبته الرفيعة ،أنه من مجتمع "الهاي كلاس " -High class-،دخل سوقا ممتازا مهرولا و متلهفا،كأنه يبحث عن شيء فقده .
...بعد دقائق خرج وفي يده علبة قطع الشكولاته،يلتهم الواحدة تلو الأخرى بشراهة ،كأنه لم يطعم منذ مدة ،وبعدما أجهز على كل ما فيها من القطع ،رمى بالعلبة الكارتونية في قلب الشارع ،دون حياء و لا استحياء ...فأراد الذهاب ،غير مبال بما فعل ...وهو يهم بالانطلاق إذ بطفل يحمل محفظته خلف ظهره ،يناديه :
- سيدي ...عمي ...عمي ...
- ماذا تريد يا هذا ؟
- السلام عليكم ...
- قلت لك ماذا تريد ؟...هل أنت متسول ...لا نقود عندي للصدقة !
- عفوا سيدي ...لقد أخطات فهمي ...
- إذن ما قصدك ؟تكلم ...لا وقت عندي لإضاعته ،تنتظرني أعمال و أشغال ...
- نعم سأتكلم : لقد شاهدتك تلقي بعلبة الشكولاته في قلب الطريق ،وان مكانها هو سلة القمامة وهي لا تبعد عنك إلا بأقل من متر .
- وما شأنك أنت ؟
- لقد علمنا معلمنا في القسم التحضيري أن رمي الأزبال والمخلفات في الشارع والطرقات أمر مشين ،وعمل حرام ....فنصحتك !
- تبا لك ألهذا أوقفتني ،دع النصيحة لنفسك أيها الغلام ،هل أصبحت شرطي نظافة ...لم يكن في علمي أن شرطة النظافة استحدثت في البلاد ،وبدأت في مراقبة أفعال العباد ...
- اعلم أننا جميعا مسئولون عن نظافة المدينة !
- افرنقع عني ...لن أفعل ذلك ...هناك عمال النظافة وهذا عملهم .
- ما أقبح كلامك أيها الكهل المعاند ...إذا لم ترتدع بالنصيحة فنجرب معك الفضيحة .
إذاك ذهب الطفل مسرعا إلى شرطي المرور ،وحكى له قصته مع الكهل العنيد ،فألزم الشرطي الرجل بأخذ العلبة الكرتونية وإلقائها في المكان المخصص لها ،ففعل دون أدنى تردد، ثم هم كي يسجل له غرامة مخالفة قوانين الحفاظ على البيئة فتدخل الطفل المربي :
- على رسلك سيدي الشرطي ،اعفو عنه لعله يتعظ مرة أخرى دون إلزام.وان كان هذا الرجل ممن قال فيهم سيدنا عثمان –الخليفة الراشد الثالث – رضي الله عنه ،قال (إن الله يزع بالسلطان ما لا يزع بالقرآن ) ،فقد خضع للحق بقوة السلطة ،لذا يستحق العفو لان الله عفو يحب العفو ثم كي نعطيه فرصة لتدارك خطيئته وعدم تكرارها .
و حيى الشرطي تحية عسكرية وانصرف ،فابتسم الشرطي ونفد النصيحة في حين شق الرجل الكهل طريقه بسرعة و الدهشة بادية بوضوح على محياه و أثر ندم وشعور بالذنب يتملكه .
انتهت الأقصوصة*معروف عبد الرحيم
تعليقات
إرسال تعليق