البقرة والذئاب



 قصة ~ البقرة والذئاب 

الكاتب ~ فتحي مسعود ~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~~

البقرة والذئاب 

يذكر أن صيد التن الأحمر في البحر الأبيض المتوسط يخضع إلى نظام حصص سنوية تسند لفائدة البلدان المتواجدة على ضفافه...

وضعت الحكومة مقاربة جديدة لتشتيت البحارة وإيقاف العمل بالاتفاق الأول. ومكنت من توسيع قاعدة المراكب المستفيدة من حصص صيد التن وتقاسم هذه الرخص ليستفيد 100 مركب عوضا عن 20”.

صعبت أوضاع البحارة القدامى لالتزامهم بتقاليد الصيد وبتسديد الديون فاضطروا إلى تجاوز نسبة التوسعة بقليل حتى يتمكنوا من التوغل أكثر في أعماق البحر لصعوبة إيجاد الأسماك مقارنة بالسابق ومجابهة المراكب الأجنبية الكبيرة المنافسة.

خرج أبي وأخوالي وعمومتي كعادتهم للصيد ولم يعودوا وليس لدينا من أخبارهم إلا القليل: وجدت السلط ألواح زوارق مشتتة في البحر بعيدة عن سواحلنا ولا حياة لمن ينادي من راكبيها

مات أبي وعمري اثنى وعشرين سنة. كانت حياتي مسطرة: انتهاء دراستي وزواجي من ابنة ديواني المرفأ الكبير.

مات أبي وكلفت باعتناء بالعائلة وأنا صغير.

في الثانية والعشرين، أصبحت رب أسرة، تضم والدتي وأخ صغير جِدًّا وخدمًا وعمالًا. لم يكن لأمي أخ، وتوفي شقيق أبي، لذلك كنت مسؤولا على الأسرة بأكملها.

لا يزال قلبي ينفطر حزنا بسبب موت عائلة بأكملها، كان علي أن أتحمل حديث المعين عن الأغنام والزبدة والزيتون. بدلاً من الدراسة في الجامعة والتحدث مع الفلاسفة، يجب أن أدرس الحسابات وسط ثرثرة النساء في الفناء. يبدو أن عائلتي تدعم جميع أنواع الطفيليات، فقد التهمت النساء الأرامل العجائز الضعيفات مع خدامهن أنفسهن بالكعك وزيت الزيتون... والدتي هي امرأة ذات قلب رقيق وحساس، ومستعدة دائمًا لتقديم كرم الضيافة.

السماح للتطهير بهذه الطريقة من قبل أولئك الذين لا يقدمون شيئًا في المقابل هو موقف يجب تثبيطه. ومع ذلك، لا أرغب في أن أكون قاسيا على العائلات التي هي في حاجة حقيقية لمساعدتي، وكنت على استعداد لاستقبال أرامل كل من ماتوا على متن القارب وحتى من عمتي، أخت أمي على الرغم من ثروتها، وأنها تشتكي كامل الوقت وأنها لم تشارك في أي مصاريف.

ولكن خالتي ترفض العيش معنا. حتى أنني كنت أتساءل عما إذا كانت تخشى أن أستولي على ممتلكاتها. خوف لا مبرر له، فالقوانين الإلهية والإنسانية تمنع هذا الغدر.

لم تكن هذه هي مخاوفي الوحيدة. كان لدى والد ماله سهل التوزيع، يعين الكل حتى من البخلاء والمتسلطين، يعطي دون حساب. والآن، لدينا ثروة أقل مما توقعت، لا تكفي العناية بكل المتطفلين.

لكن عندما أذكر هذا لأمي، تنصرف عني باكية.

تغيرت شيئا فشيئا تقنيات الصيد الذي أصبح يتم بواسطة قوارب كبيرة،  مجهّزة بالمعدّات التي تكشف أسراب هذه 

الاسماك.

اجتاحت البواخر الاسوية بحرنا وانقطع التن... واختفت العائلات المعوزة عن منزلنا وحتى من خالتي لم تسأل علينا...

وسقط زواجي من بنت الديواني.

ثم بفضل الثرثرة المعتادة للعجائز، علمت أيضًا أن عائلتي لا تريدني أن أتزوج. ولكن انا، لم تكن أمنية زفافي فقط بسبب رغبة يمكن إشباعها بسهولة بقضاء ليلة بصحبة امرأة ولكن متزوج وأب لعائلة، يتم تأسيس الرجل ويصبح قلعة...

وبقيت أنا وامي واخي وحدنا في بهاء المنزل الشاسع ننظر لبعضنا ونضحك...

جمعتنا والدتي من حولها وعيناها مبللتين بالدموع، يا أولادي، "لا تضيعون مع البقع على ثوب البقرة، تعالوا إلى البقرة مباشرة."

اليوم مات أبي حقيقة.

كنا نعيش سراب الغنى المفتعل... مع الذئاب المندسة في حاشيتنا المصطنعة... 

فتحي مسعود 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع