مازلت أضمد جرحًا



 قصة ~ مازلت أضمد جرحًا 

الكاتبة ~ وفاء عبد الحفيظ ~ تكتب ...

~~~~~~~~~~~~~~~

(مازلت أضمد جرحًا)

أغلقت الباب مسرعة داخل غرفتها المطلة على الحديقة الخلفية للمنزل، وقفت حائرة لا تدري ماذا

 تفعل؟! اتجهت صوب النافذة ووضعت يدها على المقبض ثم تركته ، ظلت تدور بعينيها في أركان الغرفة ثم خطت خطوتين لأحد أدراج خزينة الملابس، فتحته وكأنها تريد الإمساك بها بكل قوتها، مجموعة ملتفة بشريط ستان أحمر  حلت الشريط، سقطت في حجرها الخطابات ، تناولت أحدها وبدأت في القراءة: 

حبيبة القلب لم تفارقني صورتك بتُ ليلتي الأولى بالمخيم ولكني معك  ألملم  صورتك الموزعة بالروح والقلب والعين أهمس لرسمك وأتأمل صفحة وجهك الوضاء، غادرت مكاني وكأني انتُزعتُ من جلدي، كالشاة حين سلخها، هبطت الدموع كجريان النهر، أزالتها بأصابعها وأغلقت الرسالة!! 

بعد هنيهة أعادت فتح أخرى

ياقرة العين:

أين أنتِ لقد مضى أسبوعان ولم أتسلم منك أية رسالة ؟!! لم هذا الجفاء يا حبيبة الروح؟ أراكِ حين كنّّا نخطفُ الوقتَ مابين العصرِ والمغرب في واحتنا عند النبع ، صورتك وأنتِ تمازحينني بأصابعك وتعبثين بغطاء رأسي، كم كنتِ فاتنة وجميلة ، ابتسامتكِ تضيء ظلمة وضعي المشين الذي جعلني عاجزًا عن صد العدو الغاشم كما كنتُ أفعلُ من قبل،  الآن مكتوف اليدين لا أستطيع الفرار ولا الانضمام لصفوف الشهداء،  أكون جديرًا بالموت، ليتني أتحرر منه، لكن الأمل أراه يراقصني، أغلقت الرسالة ومحت ما تقاطر من دمع، 

خرجتْ من غرفتها متجهة بخطوات وثّابة  إلى باحة الحديقة تأخذها جيئة وذهابًا حتى سمعت رنين الهاتف أمسكت بثوبها الفضفاض وقفذت للداخل حتى وصلت إليه: السلام عليكم مين حضرتك؟! أنا المقدم إياد الوطني رئيس فرقة الجنود الوطنية أبلغكم  استشهاد زوجك الجندي" محمد الطيب أثناء قيامه بقذف بعض المتفجرات إلى مليشيات العدو ونال الشهادة سقط الهاتف من يدها وتهاوت على الأرض مضى الوقت دون أن تشعر به حتى أفاقت على نكز وليدها الذي لم يكمل عامه الثاني وبكاؤه لديها أمسكت به وذهبت إلى جدارية عليها صورة جندي يحمل سلاحه مبتسما وزينت بشريط أسود رفعت الولد للصورة ليقبلها ومحت دمعاتها وهي تقول: أنت من سيكمل المسيرة وترفع شعار النصر 

ثم طوت الرسائل  وأعادتها للدرج.

وفاءعبدالحفيظ/ مصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع