عصا السيلفي



 ق . ق ~ عصا السيلفي 

الكاتبة ~ جهاد سالم ~ تكتب...

««««««««««««««««««««


عصا السيلفي


استيقظت على عجلة، وظنّت لوهلة أنها تأخرت عن موعدٍ مصيري. ألقت بغطاء فراشها بعيدًا، وبدأت تبحث عن زوج الجوارب الذي كانت ترتديه ليلة أمس. تلك الليلة التي قضتها بأكملها تتنقل بين محلات الملابس النسائية، تسألهم عن حاجتهم إلى بائعة، لعلّها تقنع الزبائن بنعومة وجودة الملابس. لكنها لم تجد سوى نظرات أصحاب المحلات، التي كانت تجوبها من منبت شعرها حتى أخمص قدميها.


نظرت إليهم بإيماءة محبطة دالة على أنها غير مناسبة لهذه الوظيفة، ثم غادرت وهي تجر أذيال الخيبة دون أن تلتفت.

تثاقلت خطواتها وتراخت ذراعاها من التعب، إذ قضت النهار كله تبحث عن عملٍ يسد جوعها ويدفع متأخرات إيجار غرفتها المتهالكة، تلك الغرفة الصغيرة التي تقبع في زقاق تتسلل مياه الأمطار عبر جدرانه من المرتفعات المحيطة.


قلبت الغرفة رأسًا على عقب حتى وجدت زوج الجوارب أخيرًا في حقيبة يدها الصغيرة. خرجت وهي تبحث عن شيء يسعدها وسط طيات اليوم.


وأثناء سيرها، مخترقةً حديقة عامة لتصل إلى الشارع الآخر، رأت زوجين عجوزين يلتفتان حولهما بحثًا عن شخص يلتقط لهما صورة معًا، بعدما التقطا العديد من الصور لكل منهما على حدة.

وقفت سارحة تتأملهما بحنينٍ خطف قلبها، قبل أن تنتبه لمناداة الزوجة لها بابتسامةٍ ورجاء لتلتقط لهما صورة جميلة معًا.


أمسكت الكاميرا الفورية والتقطت لهما عدة صور متتالية. بعدها طلبا منها أن تلتقط صورةً تجمعها معها، فتساءلت الزوجة عن من سيلتقط لهم الصورة. التفتت الفتاة حولها تبحث عن أحدهم، ثم أخرجت هاتفها المحمول ومدّت ذراعها إلى آخره حتى تلتقط صورة جماعية.


أهدياها صورةً لهما وودّعاها، ثم أكملت طريقها. وعند عثورها على مفتاح غرفتها، أخرجت الصورة ونظرت بشوق مبتسمة، ثم فتحت هاتفها لترى صورتها هي الأخرى. لكنها تفاجأت بأنها في الصورة وحيدة دونهما.


جهادسالم


مصر

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع