جحا والحمار، وسيارة بأغلى الأسعار







الأديب /  مايك سلمان / يكتب


 جحا والحمار، وسيارة بأغلى الأسعار

بقلم: مايك سلمان

هو جحا المعروف في الأدب الشعبي المألوف، يحكي قصته ويحاول شفاء علَّته!!

عاش صاحبنا جحا وعنده حمار، يستخدمه  في الحِل والترحال، وفي حرث أرضٍ يملكها بهدف استصلاحها وفِلاحتها بأفضل البذور والثمار والأشتال، وكان يعتاش بالتنقُّلِ بين الأزقة والأحواش القديمة الضيقة سعياً للرزق الحلال.

وذات يوم، حام طائر النَّحْس حوله أيّ حَوْم! وكي يصير من عُليَّةِ القوم؛ قرر شراء سيارة، ليقودها بين شباب الحارة، ويستحقّ الإعجاب منهم بجدارة!!!

وخطا مع شيطان الغرور خطوة. ومضى للمصرف مُحمِّلاً نفسه وأسرته كمبيالات، لسيارة الكماليات. باع الحمار وما استشار، وعلق نفسه بحبل مشنقةِ ذاك القرار.

أيام معدودات، وإن شئت فقل أشهراً تامّات، كان نجم الحارة كصاحب السيارة، ومستحقها بجدارة!

هكذا صاغ شيطانه قراره... فما أن مرّت عليه مائة يوم، حتى ساء حاله وسط القوم، مطالبات مالية "وشيكات" للدفع وكمبيالات مستحقات بل متأخرات، إمَّا الدفع وإمّا للسيارة الرفع؛ ستباع في المزاد، وستعلن الحداد، وتلبس المزيَّن بالسواد. فما الحل و (جيب) الشرطة قد أطلّ؟! 

عرض جحا السيارة على جاره تاجر الكتان فكان أن بخّس بها ودفع أقل الأثمان. لا بل رفض ملكيتها حتى بالمجّان، كونها مرهونة للمصرف كضمان. فهمّ جحا لاستعادة الحمار، وخصص لهذا الهدف أكثر من مشوار، وجاب الأحياء والشوارع  وعاد منهكاً وجلس على عتبة باب الدار، ومع هبَّة نسيم أغلق عينيه وسها فراوده حلم غاية في الفرح والجمال تضمن حواراً مع الحمار الذي عتب عليه وحار، وفجأة فاق وجفل، وحلمه بحماره "البسيط" انقضى وما اكتمل.

مشكلتك يا جحا أنك على النعمة تمرَّدت، ومن إنسانيتك تجرَّدت، ورأسك العنيد ركِبت. وها أنت اليوم عدت على حزنك( المتراكم ) تتَّكي، ولغيرك سوء حالك تشتكي!! 

وما أكثر "الجحويِّين" في أيامنا، غرقوا في الديون، وساءت بهم الظنون، فعادوا من ظلم الحياة يشتكون بل يبكون!!

فيا جحا الحبيب، بقصتك كنت لبعضنا الطبيب، وقد أمرضهم تصرّفٌ "غضيب" في هذا الزمن العصيب، واعلم أنّ من يفهم قصّتك يا جحا، فلم تطحنه يوماً (رحى) !!!

تعليقات

  1. كل الشكر والتقدير لإدارة رابطة الكتاب العرب على الفيس للقصة القصيرة على جهودها ونشاطها وتضحياتها في توثيق الأعمال الأدبية المتعلقة بالقصة القصيرة وإلى الأمام.
    مع الاحترام،
    الكاتب مايك سلمان - فلسطين

    ردحذف

إرسال تعليق

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع