عناد في سن التسعين
الأديب/ محمد سلاك / يكتب
عناد في سن التسعين
كان كبير إخوته، تمكن من كسب ثقة أبيه المسن، و استغلها لصالحه، نمت ثروة الأسرة بشكل مذهل، و تضاعفت مساحة الأرض مرات عديدة، ازداد عدد رؤوس الماشية حتى أصبحت تعد بالآلاف، وازداد قطيع الأبقار بشكل لافت، كبر إخوته و توفي أبوه فجأة إثر مرض عضال أصابه في مراحله الأخيرة.
و بقيت أمه برفقته زمنا حتى حلت مرحلة الحسم،
طالب إخوته بقسمة الميراث لكنهم فوجؤوا بالخدعة
فقد تحولت جميع الأراضي و الممتلكات لصالحه بفضل توكيل أنعم به الأب المتوفى عليه.
مرت السنوات و الأم تحثه على إرجاع الحق لذويه، لكنه ظل عنيدا، و رافضا، رفعت القضية إلى المحكمة
فنسي أمرها و ظلت حبيسة الرفوف، في كل مرة يضطر إلى بيع رؤوس الأبقار ليغدق على المحاميين و رؤساء المحكمة و القضاة لينتهي الأمر بهم إلى فقدان القضية،. تخلت عنه أمه المسنة و لجأت إلى أصغر أبناءها ، أصيب بحمى الثروة و جمع المال، و طرد أولاده حتى زوجته لم تسلم منه، اختار لنفسه دابة عرجاء يجوب بها الأراضي و يحرص على تعداد
رؤوس الماشية كل مساء، لباسه واحد لا يغيره إلا مرة في الشهر، جلباب أبيض تحول إلى اللون الأحمر أي لون التراب المحيط بالمزرعة و خرقة يضعها على رأسه كالعمامة تقيه من حر الشمس في فصل الصيف
في الشتاء يستبدلها بطاقية صوفية و يلف حولها تلك الخرقة، بلغ التسعين عاما فأصيب بالزهايمر تخلى عن الدابة و أصبح هاءما يلعن و يسب المارة وعابري
الطريق حتى العمال و الرعاة لم يسلموا منه طرد بعضهم و أحضر آخرين، اعتبرهم مجرد لصوص، في النهاية اجتمع اخوته و فكروا في أمره بل تنازلوا عن
حقوقهم و رافقوه نحو الطبيب، ليشخص حالته، انذاك اعترته نوبة من الهستيريا و تقدم نحو أمه و دفعها بقوة، ارتطمت المسكينة بالأرض و أصيبت ببعض الجروح، فلم تكن قاسية بل غلبت عليها العاطفة و سامحته، لكنه ظل عنيدا و لم يتراجع قيد أنملة، استفاق من السبات و أسرع نحو الضيعة قبل حلول المساء ليعد رؤوس الماشية.
محمد سلاك
تعليقات
إرسال تعليق