أنا وهو






الأديبة/ فاتن ميخائيل / تكتب

أنا وهو
....................

كيف دخلت إلى هذا الصندوق المتحرك 
 إنه يتلبسني ... يحاصرني دوماً
 كأني أسكن في كهف منذ دهور ، أشعر بتمللي منه .
 في الصباح أرتديه أو ربما هو يرتديني
لا أدري. 
 أذهب إلى عملي وهو معي يرسم على وجهي إبتسامة عريضة ( لا يشعر بحزني )
يتودد لأشخاص لم يروقوا لي يوما قط بحجة (المصالح مشتركة).
يجهدني في تنقلاتهِ اليوميه ،يعمل دون كلل .
متعب أنا يلحٌ عليّ بمتطلباته ، أصرخ :- ماذا دهاك تجري في هذه الدنيا كجري الوحوش؟   
يرد :- مهلاً مهلاً يا ضميري فالمال هو مفتاح السعادة ومصدر قوتنا ونفوذنا.
 
ذات مرة ذهبنا أنا وهو بنزهةٍ قصيرة على شاطئ جزيرة ، جلس على الرمل ليعيد ترتيب حساباته أما أنا فشكوت للبحر همي وقلة خياراتي  
عند العودة إلى الدار خلعتُ وجهي المستعار وقفت أمام المرآة فاجأني شكلي .
في تلك اللحظة مر شريط حياتي من أمامي كسرعة برق ، لقطات متقطعة ، متتابعة ، وأمي تقف خلف ستار غرفتي تراقبني ، ترمقني بحزن شديد.
لم تشهد شكلي هذا من قبل!! أنا هو الشاب اليافع ، الجميل
آه تذكرت ... لطالما كانت تقول لي أنت في نظري طفل مدلل  
كلمتها بهمس :- لقد كبرتُ يا أمي أترين ؟   
 إختفت أمي فجاة ! وقبل أن ترحل نست أن تطبع على جبيني قبلة الحياة كي تمنحي الخلود
ألقيتُ بجسدي على السرير لكن شيء ما قد حصل ! لم أكن معه هذه المرة.
كان جسدي وحده يهنأ بنومة طويلة ، عميقة .
هربت منه غلسة ، إني أتحرر .
كان وزني خفيف ، كأني ريشة تترنح في الهواء أو عصفور يسبح في الفضاء .
 نظرت إليه من بعيد ، كان هناك وحده مسجى على الفراش دون حراك
 وأنا مع أمي رحتُ أسبح في الفضاء 

الأديبة فاتن ميخائيل

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع