الصديقة







الأديب / عزيز أمعي / يكتب


 قصة قصيرة -الصديقة 

لم تكن أمل تحتاج إلى ذكاء وقاد كي تدرك أن صديقتها سعاد جد حزينة، وأنها ما لجأت إليها إلا لتبثها همها لعلها تقدم له النصح ، أو على الأقل تخفف عنها مصابها. ملامح سعاد كانت تشي وتعبر أبلغ تعبير عن حالتها النفسية الجد محبطة. جلستا الواحدة قبالة الأخرى على أريكتين في صالون جميل تتوسطهما منضدة زجاجية أنيقة. ساد الصمت للحظات، تركت أمل لصديقتها بعض الوقت كي ترتاح وتأخذ نفسا على حد تعبير المصرين. قبل أن تسألها عن سر حزنها. أخيرا تكلمت سعاد، وهي تحاول أن تمنع دموعها من الانسياب كجدولين متدفقين على خديها الأسيلين :

-معذرة عزيزتي أمل على الإزعاج ، لكنني جد حزينة  ومحبطة، ولم أجد غيرك صديقتي العزيزة كي أشاطره همي، وأطلب منها النصح و.. 

قاطعتها أمل قائلة:

-طبعا.. طبعا حبيبتي، نحن أكثر من صديقتين بل أختين ، ولا أسرار بيننا .

شكرتها سعاد، ثم روت لها دون  أن تدخل في كل التفاصيل التي لا جدوى منها، كيف تدهورت علاقتها بزوجها، و أصبح زواجها على حافة الانهيار.

أضافت قائلة:

-أكثر من مرة جلست لوحدي، أتساءل وأحاول  أن أفهم ما السبب الذي أدى بعلاقتي مع زوجي  أحمد للوصول إلى هذا الفتور المرعب الذي  أراه كسكون ما قبل العاصفة ،و الذي سيؤدي بدون أدنى  شك إلى  الطلاق. نعم طلاق بدأت غيومه تكتسح سماء السعادة التي عشناها معا خلال أربع سنوات لا تنسى .

تتذكر كيف تعرفت على زوجها  في كلية الحقوق،أحبا ببعضهما من أول نظرة. وبعد لقاءات قصيرة أعترف لها أنه مغرم بها، واعترفت له انها تبادله نفس العاطفة. بعد تخرجهما كان الحظ إلى جانبهما، التحقت هي بسلك القضاء، وولج هو سلك المحاماة. بعد سنة قررا الزواج، وأقاما حفل عرس جميل ليصبحا زوجين على سنة الله ورسوله. كانت سعاد جد سعيدة، وهي تستقبل حياة زوجية قائمة على الحب والمودة، وتعد بمستقبل جميل بل رائع. 

قررت سعاد وأحمد أن يؤجلا مسألة الإنجاب إلى وقت لاحق،   وأن يستمتعا بالحياة، قبل أن قدوم الأطفال. مضت سفينة الحب، لمدة أربع سنوات، هادئة دون أن تواجهها رياح الخلافات أو المشاحنات. فجأة بدأت البحر يمور وأمواجه توشك أن تعرقل سير السفينة. لاحظت سعاد أن زوجها لم يعد كما كان ، أصبح فاترا في علاقته بها، وأصبح يتأخر عن مواعيد الغداء والعشاء معها، كما أصبح يخلو بنفسه في مكتبه بدعوى تهيئ  القضايا التي يشرف عليها .

في أعماقها رن إنذار الشك، وحدست أن هناك امرأة انحشرت ما بين ثنايا علاقتهما الزوجية. مع المدة تأكدت من ظنونها، والمرأة لا يعوزها وسيلة لاكتشاف سر تغيير زوجها.حزنت كثيرا بكت تألمت، وكان عليها أن تجد شخصا تقاسمه تفاصيل مشكلتها، قبل أن تتخذ القرار المناسب في مصير علاقتها بزوجها.  كانت أمل أفضل صديقة لها، بل صديقتها الوحيدة ، فقررت أن تطلعها على مشكلتها  .

أمل سيدة جميلة، وصديقة من أيام الدراسة، تزوجت من ثري ولكن هي أيضا لم تفلح في زواجها فانفصلت عن زوجها في غضون سنة. تعيش في بيت فخم، ونالت من زوجها من المال ما جعلها لا تفكر في العمل، وربما في الزوج أيضا .

قالت أمل :

-معذرة فاجأتني بالحديث ، ونسيت أن عد لنا فنجاني قهوة. 

ابتسمت وأضافت :

-القهوة ستساعدنا في إيجاد حل لمشكلتك. 

نهضت أمل وبقيت سعاد غارقة في يم حزنها.فجأة أصدر هاتف أمل الذي نسيته على المنضدة  رنين كاتم الصوت .. كان الهاتف قريب منها،  طفق يتحرك نحوها تحت تأثير الاتصال. فجأة لمحت  على  شاشة الهاتف  اسم زوجها.  تساءلت هل لأمل صديق باسم أحمد الأبيض ، أم أن...بغتة انفجر في دماغها وميض من الشك. وبدون تفكير تناولت  الهاتف،وضعته على أذنها وقالت هامسة  :

-ألو

جاءها صوت زوجها يقول :

-حبيبتي ستأتي سعاد لزيارتك ، كوني حذرة. 

-عزيز أمعي 

المغرب .

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع