النظرة الأخيرة
الأديبة / رومي الريس / تكتب
كانت ليلة هادئة وجميلة
والقمر يطل من السماء
ويرسل أشعته الفضية
على الكون كله
نظر الأب إلى الساعة في يده
كانت تشير إلى الثانية عشر منتصف الليل
اعتراه القلق والخوف
فولده حازم قد تأخر كثيراً عن موعد عودته
ولم يتصل به طوال اليوم
ليطمئنه عليه
كالمعتاد
ترى ما الذي حدث؟
زادت حدة التوتر
لديه ومد الخوف ذراعه الاخطبوطي بين ضلوعه
ينهش قلبه ويعتصره بلا رحمة
لا أدري هناك
ما سبب هذا الانقباض الغريب بصدري؟
لا أجد تفسيراً له
هكذا حدث نفسه
فجأة يرن جرس الهاتف
تتسارع دقات قلبه
يمسك بسماعة الهاتف
الووو
مساء الخير يا عمى
مساء الخير
من معى؟
أنا نادر صديق حازم
تخرج الكلمات من فمه ببطء وتثاقل
وأين هو؟
هل أصابه مكروه؟
هو بخير... بخير
لا تقلق
ولكنه قد اصيب بوعكة مفاجئة ونقلناه للمستشفى
ماذا تقول؟
ما الذي حدث؟
ماذا أصابه؟
لا شيء... لا شيء
فقط نرجو منك سرعة الحضور
وصل إلى المستشفى
وهناك اكتشف
الطامة الكبرى
فقد تعرض ولده الحبيب
لحادث سير وهو يعبر الطريق مع أصدقائه
فقد صدمته سيارة مسرعة
فطار في الهواء
وسقط أرضاً
على بعد عدة أمتار
وحدث له كسر في الجمجمة ونزيف حاد في المخ
كانت إصابته قاتلة فهو لم يستطع الصمود
وتوفي بمجرد وصوله إلى المستشفى
صعدت روحه الطاهرة إلى بارئها
كانت صدمة تفوق الإحتمال
فقد كان هذا اليوم
هو يوم تخرجه
بتفوق من كلية الهندسة
وقد خرج مع أصدقائه ليحتفلوا معا بتخرجهم
كانت لديه آمالا وأحلاما كبيرة
فقد كان هذا حلم الطفولة
وحلم حياة والده أيضا
حضر الطبيب وقدم له واجب العزاء
وجاءت أصعب لحظة مرت بحياته
حيث أخبره
بضرورة إلقاء نظرة على فلذة كبده
للتأكد من هويته
قبل استخراج شهادة الوفاة
تمني الأب حينها لو أن الأرض انشقت و ابتلعته بجوفها
نظر الأب المكلوم إلى وجه حازم الذي ضاعت ملامحه تماماً و تشوهت
وروحه تكاد تفارقه
وتعرف عليه من خلال تلك الوحمة
السوداء في قدمه اليسرى
وقبل قدميه والدموع تنهمر من عينيه كالشلال
وهو يصرخ ويبكي
و ارتمى فوقه
وقد فارق الحياة
ودفنا معا في جنازة مهيبة
بقلمي رومي الريس
بعنوان/النظرة الأخيرة
تعليقات
إرسال تعليق