روح
ومضات ~ روح
الكاتبة ~ فادية حسون ~ تكتب..
~~~~~~~~~~~~~
ومضات روح ...
وحدها تنزوي في غرفتها المظلمة .. تجالس أشياءها الصماء ...
تستعين بنورٍ خافت آتٍ من تلك القناديل المعلّقة على شجيرات الحيّ الكئيب ...
تحاول منع أذنيها من سماع مواء القطط الجائعة في الخارج ..ونباحِ الكلاب المسعورة التي تتربّص بأي متحرّك أمامها .. دقات عقرب الثواني في ساعة الجدار كانت كإزميلٍ يدقّ على نهايات أعصابها فيضاعف من حدة توترها ....
وحدُه الشتاء يفرض سيطرته على الأشياء ..مطرٌ يضرب على سطح غرفتها كمسافر أنهكه السير الطويل وينشدُ الراحة والاطمئنان ... وريحٌ تصفرُ في الأرجاء كنحيب نسوةٍ أتينَ من عصر الجاهلية .... ومدفأةٌ متوهّجة يكاد معدنها ينصهر تحت وطأة الإشتعال ...
رغم الدفء المعشّش في فضاء غرفتها ..إلا أنها تشعر برغبة جامحة لتدثير روحها المتجمدة ... تستدعي بسرّها مدافئَ الكون ... لتنشرَ الدفءَ في أوصالها المرتعدة ... تحاول أن تُسقط ما يعتمل في داخلها على شكل خواطر وكلمات نثرية .. ثم لا تلبث أن تتحول إلى مسودّات خُطّت بحمقٍ فوق قصاصات تغصّ بها سلةُ المهملات .. أرضُ غرفتها أصبحت أشبه بمكبّ للقمامة ... تنظر إليها بعينين تحملان إقرارا بحقيقة إهمالها وفشلها الذريع ... تبحث عن طريقة لتنضيد ذاتها العشوائية المبعثرة ...تنظر إلى آخر ورقة في كراستها ...أحست أنها ملاذها الأخير ... تشاكسها أناقةُ السطور وتغريها بأن تنهي فصول حيرتها وتكتب ... أمسكت بالقلم بارتباك شديد ... كانت تخشى أن تخسر الورقة الأخيرة فتقعد دون ونيس ... باشرت بخط أول الكلمات ...
وكتبت ... واسترسلت ... وابتسم محياها من جديد ... صمّت أذنيها عن أصوات الشؤم الخارجية .. أحست بالدفء ... والراحة ... أسدلت ستارة نافذتها ... أحست أنها لم تعد بحاجة لضوء القناديل البائسة .. فضوءُ روحها ملأ المكان .... ونور الإله غمر قلبها بمزيد من الألق والسطوع ... أنهت روايتها القصيرة بعد أن أودعت فيها أجمل الأحلام ... طوت ورقتها بحنان ... دسّتها تحت وسادتها الصديقة ... وتمتمت في سرها ...
ما أعظمك ياالله ..
ثم غطت في نوم عمييييق ..
فادية حسون
تعليقات
إرسال تعليق