رجل آيل للسقوط



 قصة ~ رجل آيل للسقوط

الكاتبة ~ فاتن ميخائيل عبدو ~ تكتب..

~~~~~~~~~~~~~~

رجل آيل للسقوط

............................

أمضى عمره يسابق الريح .. يمتطي صهوة الصعاب ، كالحاوي يتقن فن التمويه، يدير دفة  الأمور لصالحه ، يمتلك  أدواته وقدراته، تفنن  في تحريك دماه حسب أهوائه.

 متمرسا في جذب ضحاياه ، استطاع أن يصل  إلى  القمة  بدهائه وكثرة حيله  ، أمسك   خيوط  اللعبة فأصاب .

 أصبح ظالما بعدما كان مظلوما  ..  صار  ذا نفوذ وجاه بعدما كان إنسانا بائسا فقيرا .  

فقره المدقع  أكسبه  قسوة وصلادة  وخبثا.


 كان هو   الأقرب إليه يحميه من  زلاته  ، ينبهه من عواقب  أفعاله ،  لما علا شأنه امتعض  فقرر  أن يتخلص منه .. انسلخ عنه كما تنسلخ  الأفعى عن جلدها. 

شعر ببعده عنه وكيف انغمس بملذاته كما ينغمس  الآخرون  أمثاله  في الوحل  ، فهل ستفيد تأنيباته وحتى صرخاته ؟ 

 قرر  أن يتركه هذا الذي  ما فتئ لحظة بالبعد عنه  . 

اختفى  للأبد ، فتمادى هو  أكثر حتى  أصبح غولا  ، وحشا كاسراً يبتلع كل من يقف أمامه

كان  أكثر سعادة  بدونه حيث لا رقيب  ولا رادع  يوقف مده وامتداده.


كالأخطبوط يلف أذرعه حول ضحيته  ...سرقه الوقت  والتف حوله المنافقون  ... تهلل بهم وراح ينفش ريشه كالنعام بينهم ، حاموا حوله كالذئاب الضالة،  وقع في  فخهم .. فالرذيلة سهل الوقوع  فيها  ممن  ليس لهم   أخلاق  ولا مبادئ  ولا ذمة، ثم باعوه  بأبخس  الأثمان ..  

 أفاق  من غفوته الطويلة  ليبحث عنه في سراديب روحه،  لم يجد له مكانا غير ركن فارغ.

خرج باحثا عنه فتش  طويلاً حتى خارت قواه ...أنهكه المسير والضياع في الطرقات  توقف  بعد  لهاثٍ   ليلتقط أنفاسه  ، أسند  جسده المتعب  على  جدار  آيل للسقوط كان الحائط هشا رغم ما يبدو عليه من صلابة كحاله تماما ، خارت قواهما  فتهشما على رصيفهم البائس كما تتهشم الأخلاق  إن جردت من ضمائرها يوماً.


فاتن ميخائيل عبدو 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع