دموع



 قصة ~ دموع

 الكاتب ~ محمد البوركي~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~~~~

دموع 

1 –

آلمه كثيرا أن يراها حزينة مكتئبة ، اقترب منها مضطربا، و سألها بعد تردد  :

- ما الذي يضايقك يا أميرتي ؟

أجهشت بالبكاء و أشاحت بوجهها عنه ، ثم صرخت متأوهة  :

- تنكرت للرباط المقدس ، و آثرتها علي أيها الخائن اللئيم ! إنها ضرتي التي أمقتها و أتمنى زوالها ، مستحيل أن نعيش معا تحت سقف واحد ، طلقني حتى تتفرغ لها أيها النذل الحقير.

أصابه كلامها في مقتل ، ترنح ، حملق في وجهها مشدوها:

-  لا يعقل ! لم أفكر أبدا أن تزاحمك زوجة ثانية ، فأنت حياتي و وحيدة قلبي ...

اعترضت سيل مشاعره و أردفت قائلة :

-  كتبك التافهة التي تظل عاكفا عليها ليل نهار ، هي مصدر محنتي و تعاستي !

2 –

انتزع جسده المنهك من الأريكة بصعوبة بالغة ، كان المطر ينهمر مدرارا في الخارج ، اتجه ناحية المطبخ حيث كانت زوجته منشغلة بإعداد وجبة العشاء ، كانت تبكي في صمت مريب ، دنا منها ، ففاضت عيناه بدموع غزيرة لم يقو على حبسها ، كتمت حزنها ، عاتبته مشاكسة : " كيف جادت عيناك بالرحمة يا صخر ؟ "

حدجها بعينين حمراوين ، لم يحرك لسانه ، و إنما أومأ إلى البصل في كفها .

3 –

عيناه الدامعتان ظلتا مشدودتين إلى الورقة الماثلة أمامه، يتفحصها و هو يحك ذقنه الأشيب؛ استغربت زوجته استغراقه العميق هذا، و بكثير من المودة و الوفاء استفسرت:

- لماذا هذا البكاء في حضرة  عقد نكاحنا، يا شريك حياتي ؟

رفع بصره المكفهر نحوها، ثم طوح بالوثيقة في الهواء، وجابهها بصوت يقطر غيظا وحنقا:

- إنني أريد ..أريد فقط .. أن أعرف متى ستنقضي صلاحية العقد المبرم بيننا!

غامت عيناها و أمطرت دموعا ملتهبة حارة ، انهار كل شيء دفعة واحدة : الأحلام ، الابتسامات العذبة ، الأسفار ، المفاجآت السارة ...

أطرقت طويلا دون أن تنبس بكلمة ، غارقة في يم الذكريات ، بلا بوصلة و لا مجداف .

بقلم : محمد البوركي - المغرب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع