،،،،،،،الدُق ،،،،،،،
الأديب / خليل الشلتوني / يكتب
،،،،،،،الدُق ،،،،،،،
كم أحب الوحدة في مثل هذه الأجواء
جلست بالقرب من الفيربليس ، شعور بالسعادة مزدوج الفاعلية يسري في فؤادي ،
متعة النظر الى النار وهي تتراقص أمامي بألوانها البرتقالية الرائعة وكذلك متعة الإحساس بالدفء الجميل ،
الجو بالخارج عاصف ، ماطر ،
يبهر عينيك ضوء البرق ثم ما تلبث أن تسمع صوت الرعد الهادر ، فينطلق اللسان ذاكرًا لله .
كم أحب هذه الأجواء الشتوية ولذلك تراني أهرب إلى المزرعة كلما علمت بقدوم منخفض قطبي من نوع هُدى أو جَنى أو أين من أخواتها ،
كان منظر النار يأسرني وموسيقى الرعد والبرق تطرب قلبي ، أغمضت عيناي مسرورًا وعدت بأحلامي إلى الماضي الجميل ،
مخيم الزرقاء شارع رقم إثنين.
تقف أمي في المطبخ تعد الطعام فقد حان موعد عودة أبي متعبًا يحلم بوجبة لذيذة مهما كانت بسيطة..
وأما جدي والذي كان يحرص على إشعال النار وتجهيز المنقل ( مدفأة الحطب في قديم الزمان ) .
يكسر جدي بعض الأخشاب ويجهز المنقل بحرفية كبيرة ، الغيوم تتراكض بالسماء والأجواء تتهيأ لليلة باردة ماطرة ولا بد من تجهيز ما تيسر من وسائل التدفئة ،
أطلت أمي برأسها و بصوت حنون
_خليل ، الله يرضى عليك يا أمي لا تنسى الفرن ،
_لا لا لست بناسي ، وكيف لي أن أنسى ، دقائق وأذهب ، لا تقلقي ،
كانت هذه هي مهمتي اليومية في أيام الشتاء الباردة فبالإضافة الى أخذ العجين إلى الفرن الوحيد في المخيم والعودة به إلى البيت مخبوزاً محمراً ومقرمشاً ،كان علي الذهاب مرة أخرى إلى الفرن لإحضار الدُق
،
أنطلق إلى المخبز حاملًا بيدي الوعاء المعد خصيصًا لجلب الدُق
الأولاد يملؤون الفرن كل ينتظر دوره في أن يأخذ قليلاً من الدُق ويعود به إلى أهله فرحاً سعيدا
( الدق هو ما تبقى من عجم التمر والذي كان يستعمل في المخابز كوقود بديلًا عن الديزل )
بعد الانتهاء من أعمال الخبز، يقوم الفران بتوزيع باقي الدُق على أهالي المخيم مجانًا،
أخذت حصتي وعدت إلى جدي ليكمل مهمته في إشعال المنقل استعداداً لليلة من ليالي الشتاء في مخيم الزرقاء
_تفضل يا جدي العزيز ، اليوم الكمية قليلة لأن اللذين جاءوا لأخذ الدُق من الأولاد كثر ، هل تريد شيئًا آخر يا جدي ؟
نظر إلي مبتسماً
_الله يرضى عليك ، هذا طبيعي يا بني فالأجواء باردة والناس غلابا فقراء ، لهم الله ، وجزى الله الفران خيراً ، وأخزى الله من كان سببًا في خروجنا من بلادنا وديارنا، هز جدي رأسه متألمًا
_هيا اذهب العب ساعة قبل مغيب الشمس أكيد أصحابك بانتظارك،
، ( وفعلا أمجاد يا عرب أمجاد )
خليل الشلتوني
الأردن
تعليقات
إرسال تعليق