ملوحة
قصة ~ ملوحة
الكاتب ~ رفيق راشدي ~ يكتب...
~~~~~~~~~~~~
ملوحة
ماالذي سيروي أرضها الجافة، لطالما استمطرت سحابات الأيام العابرة فما حبلت غيثا، كفّاها الممدودتان تصلبت وعيونها السيّالةُ جفت، فتعتق الحزن في روحها كسبخة، هاهو الفرج يُسكب على روحها فلا تأبه.
وضعته جانبا وتمددت على سريرها، تذكرت سنين القحط، لاتدري كم كان العدد، من دون سبب، ولأدنى شك، كانت تجريه، زوجها وصفها بالجنون، وعدها بأنه لن يتخلى عنها، لايهمه إن أتى أم لا.
كان يهمها أن يكون يوما كائنا في حياتها، ولطالما أهمّها عجزها وتنقُّصُ الناس من قيمتها، طالبت زوجها بتبديلها علّ الوليد يحل بغير سريرها، أبى أن يصير أبا لمن سيخرج من غير رحمها.
في آخر لقاء بينهما، قال لها وهو يتحسس بطنها: حدسي يخبرني أنه قادم.
صدق حدسه، لكنه أخلف وعده وتخلى عنها، تفحصت اختبار الحمل مرة تلو أخرى بخطّيه الورديين، رددت: هل سيحل الورد ببيتي؟ أغمضت عينيها، تلمست بطنها ثانية، ناجته، أرادت أن تخبره بالحقيقة لكنها تراجعت، قائلة في نفسها: هو صغير ليفهم أنه سيولد لأب مات قبل أن يراه، ثم ابتسمت وبكت، لكنها أحست بأنها دموع خفيفة الملوحة هذه المرة.
رفيق راشدي
تعليقات
إرسال تعليق