هل أكون بحارا ؟(الفصل الرابع)



 قصة ~ هل أكون بحارا  ؟(الفصل الرابع)

الكاتب ~ عمر لشكر ~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~

من قصص الحياة .

هل أكون بحارا  ؟

الفصل الرابع .


كان السيد " جيرمان " مدير المعهد معروفا بالصرامة الشديدة في التكوين والمراقبة والانضباط .

فرض نظاما عسكريا شديدا أحكم به تدبير شؤون المعهد في كل جوانبه البيداغوجية والتدريبية والتكوينية والترفيهية ...

له تجربة طويلة في التكوين والممارسة الميدانية في الملاحة الفرنسية ، وله ثقافة نظرية واسعة في علم البحار والمحيطات. 

كانت دروسه في الجغرافية البحرية تجمع بين العرض العلمي ، ومناقشة بعض الوضعيات البحرية ، وتقويم المدركات عبر أنشطة تطبيقية مدمجة .

ومهما استغرقت مدة حصته لن تراه جالسا على الكرسي ، بل يظل متحركا في القسم بنشاط كبير ، يراقب ، ويسأل ، ويعاقب ، ويشرح ، وأحيانا يصفع أو يجر إلى السبورة أو يدفع ...

كان في الواقع يعزني ، ويتنبأ إلي بمستقبل زاهر في مجال البحر والمحيطات !

وسيكشف  الزمان أنه أخطأ في التقدير ...

قضيت الليلة الأولى في المعهد بلا نوم ..

بت أتقلب في فراشي  كالمحموم ، أحاول أن أتخيل ما سيكون عليه مستقبلي في هذا العالم المجهول .

بت أسترجع الذكريات ،  والخوف من الغد القريب والغد البعيد يقطع أوصالي  .

هجرني النوم بدهشة المجهول .

وباتت الأمواج تهز جوانب المعهد ، وتنتظر طلبته لتشارك  في تكوينهم  وتأطيرهم وعقابهم إذا اقتضى الحال .

طال الليل ، وفي السادسة صباحا دوت صفارة الخروج من المراقد .

فتحت النافذة ، وألقيت  نظرة خاطفة على البحر ، وطلبت منه 

" التسليم " بخشوع كبير على طريقة الملامتيين .

أمر على بروتوكولات الفطور وما قبل الفطور لأجل الاختصار .

في الثامنة ، بعد تحية العلم بالنشيد الوطني ، تفرقنا في الأقسام بحسب التخصصات .

كان من الممكن أن أتخصص في شعبة " محركات المراكب والسفن " ، ولكني اخترت تخصص الملاحة وكل ما له علاقة بالعمل على سطح السفن ...

فالسطح أكثر شاعرية ورومانسية من بطن السفن ، وأكثر تواصلا مع البحر وعوالمه ...

بدأ التكوين بحصة في اللغة الفرنسية نشطتها أستاذة أنيقة حيوية بلكنة باريسية أصيلة ، ودارت الحصة كلها على قصيدة شعرية  جميلة  حول الطيور البحرية ما زلت أحفظ بعض أبياتها ...

ربما أثرت انتباه هذه الأستاذة بكثرة مشاركاتي في محاور الحصة شرحا وتحليلا وقراءة ، فكلفتني بعرض أدبي  أول  حول الأعشاب البحرية ، نثرا  أو شعرا أو قصة .

قبلت ، لأن قانون المعهد يمنع الرفض والاحتجاج.  .

تتبع .

الدكتور عمر لشكر 

مايو   ٢٠٢٢ . 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع