الطرق المغلقة
ق.ق.~ الطرق المغلقة
الكاتب ~ عبد الوهاب ناجي ناجي ~ يكتب..
~~~~~~~~~~~~~~~
الطرق المغلقة
بدات بدرية الأربعينية؛ الطويلة النحيلة؛ ابنة حارة (حوض الأشراف..إحدى حارات مدينة تعز )، تحترق بنار الغيرة، فزوجها البدري لم يأتي للغداء حتى الآن، و الساعة قد جاوزت الخامسة مساء، و ضمن التقسيم الثلاثي بين الضرائر الثلاث ، يكون هذا المساء و ليلته من حق بدرية .
و للمرة الرابعة تأخذ التلفون بنية الإتصال بدرتها الثالثة و حليفتها (بدور)، لكنها تعدل و ترمي التلفون، فماذا لو أن حليفتها قد استبقته عندها لليوم الثاني ؟!...ويلي ..ويلي ..ويلي، سيستدعي الأمر إنهيار تحالف ، و إقامة تحالف جديد، سيكلفها الكثير من حرق الأعصاب، رمت التلفون ، و عينها لا تفارقه، لعله يرن .
أخيرا قررت الإتصال، لمست الرقم، فجاوبتها بدور، سألتها بشفاة مرتعشة، أجابت بدور بأن البدري غادرها في الصباح، و لا تعلم عنه شيء بعد ذلك، و طمأنتها بأنه لابد أن يأتي إلى حبة الأول عملا بقول الشاعر (نقل فؤادك حيث شئت من الهوى .. مالحب إلا للحبيب الأول ).
قبل سنوات، كانت بدرية قد تلقت صدمة لم تفق منها حتى الآن، تزوج زوجها من رابحة ابنبة حارة (المسبح)، فتاة مفضوحة، مديرة أحد البنوك تقضي فترة عملها بين الرجال، تحادث هذا وتضحك لهذا بلا خجل ولا رادع ، ومن أين سيأتها الرادع وأهلها على نفس الشاكلة، أغوت البدري بمنحه التسهيلات البنكية، فتجاوز عن كل عيوبها الصفراء، ونكاية برابحة، سعت بكل جهدها لتزويجه من صديقة عمرها بدور ...ابنة حارة (الروضة )، الفتاة المصونة، كحبة الرمان، عليها قشرة صلبة، لم ير أحدا من قبل اطراف اصابعها، فقام تحالف وطيد بين الدرتين على ضرتهما رابحة صاحبة الوجه المكشوف .
تساءلتا بصوت واحد : - أ تكون رابحة قد سرقته ؟!..يانار خففي احتراق قلبينا
سبق لرابحة أن طلبته الى مكتبها في البنك... وأمام الموظفين والزبائن ... بدون خجل و لا حياء... أخذته إلى العاصمة صنعاء ...سرقتهما اسبوعا كاملا... إنها قاطعة طريق...مُقلقة للسكينة العامة .
إنقطع استرسال الحديث، ولم تخف النار عن جوفيهما، سمعت طرقا قويا على الباب، طلبت من درتها الإنتظار ، فتحت الباب كان الولد رؤوف البدري ابن الثامن عشر، وهو بكر ابيه من بدرية، كان على وجهه فرحا يود إخفائه، لكنه فشل، قال بأنه ذهب في عرس في حارة (المُجلية )، ويا لجمال فتيات المجلّية، وهناك تفاجأ بأن العريس ليس إلا والده ..( سعدا لك يا ابتاه بالرابعة)،
رؤوف... وكعادته كلما يسمع عن عرس، يذهب لإشباع رغبته في رؤية الفتيات بكامل زينتهن، قالت الام: - الابن طالع لأبيه.
رددت الدرتان بصوت واحدعن احتمال واحد ليس له اثنان، اصل كل مشكلة مليحة ، لابد انها قد سعت لتزويج البدري ..لتقوي شوكتها ..ومن اين!، من المجلية..على نقس شاكلة المسبح
تبادلتا الدرتان الرأي لمواجة الأمر ، وقررتا المشاركة، لبست بدرية فستانها ولفت برقعها وغطاء وجهها واخفت الكلاشنكوف تحت عبائتها والتقت بدرتها بدور، وتوجهتا إلى صالة الأعراس، رفعتا غطاء الوجهان وتقدمتا وهما يرقصان، وأنزلت بدرية الكلاشنكوف لاطلاق الرصاص في الهواء، مشاركة منها ومن درتها في فرح الزوج (ابو عيون زائغة)، لكنها فشلت في إطلاق الرصاص، وبعد محاولات أنطلق الرصاص في شتى الإتجاهات ، لقد فقدت يداها النحيلتان سيطرتهما على الكلاشنكوف الذي اضطرب بين يديها كثعبان ، تعرضت عدد من المدعوات للإصابات، دخل أهل حارة العروس وهم يطلقون الرصاص بحثا عن مطلق الرصاص، أصابوا بدرية وبدور وعدد آخر من المدعوات، تم نقل المصابات الى المستشفيات، والقاء القبض على الزوج وزوجتيه الثانية والرابعة
وفي المستشفى ماتت بدرية وبدور وعدد كبير من المدعوات ، وبعد ساعات هجمت جماعة مسلحة إلى إدارة الأمن وقتلت البدري وزوجتيه الثانية والرابعة إنتقاما لقتل المغدور بهما( بدرية وبدور ) بحسب قولهم، وماهي إلا أيام، تكتلت كل حارة خلف ذوي كل فتاة للإنتقام من ذوي الفتيات الأخريات، و إشتعلت الحروب بين الحارات ، وانغلقت طرقات، و تكدست متارس، و إستمرت حروب الحارات حتى يومنا هذا.
عبد الوهاب ناجي ناجي
مايو 2022
تعليقات
إرسال تعليق