البوابة الكونية
قصة ~ البوابة الكونية
الكاتب ~ عبد الهادي عاصم ~ يكتب...
~~~~~~~~~~~~~~
البوابة الكونية
"دلف الشابان سريعا داخل المعمل. أغلق أقصرُهما الباب وهو يتلفت حوله. وبعد أن اطمأن إلى أن أحدا لم يرهما، أشار إلى باب معدني ضخم بجانبه لوحة مفاتيح، وهو يبتسم. قال الآخر:
- أهذه هي البوابة العالمية؟
- اسمها البوابة الكونية! نعم هي، البروفيسور الذي أساعده قام بصنعها، وسيريني اليوم كيف تعمل.
- لكنه لا يبدو أكثر من مجرد باب معدني … أعني أنه لم يكن عليك تكبد كل هذا العناء، لتأتِ بي إلى هنا متخفيا فقط لأراه، كما أنك تعلم كم أخشى تلك الأشياء العلمية … أنا لا أفهمها.
- أنا أيضا لا أعرف كيف تعمل، لكنني سأجربها الآن.
أنهى كلمته ومد يده إلى الباب ليفتحه، فصرخ رفيقه والخوف يعتلي وجهه:
- انتظر! لا تفتح الباب، لا أحد يعرف ما الذي يمكن أن يحدث.
- لا تكن جبانا، هيا بنا!
فتح الباب، فوجدا أمامهما فضاء واسعا؛ سماءً مرصعةً بالنجوم المتلألئة وأرضا زرقاء اللون وتبدو رخوة … صاح رفيقه بقلق وهو يزدرد لعابه:
- هل هو كوكب في الفضاء!
- أعتقد أنني فهمت؛ إن البوابة تعمل كمعبر بين الأرض وهذا الكوكب … يكفي هذا! سأغلق البوابة كما كانت ولنغادر قبل أن يصل.
لم يكد يغلق الباب، حتى سمع صوت أقدام شخص يدخل المعمل. نظر إلى رفيقه وقال:
- إنه البروفيسور، لو عثر عليك هنا سيعاقبني وقد يطردني من العمل، اختبئ في أي مكان …
تلفت حوله، فلم يجد مكانا يمكن أن يخفيه، فنظر إلى البوابة وقال:
- … هيا إلى البوابة. اختبئ في هذا الكوكب الآخر، وسأخرجك حالما يبتعد.
- لا، أرجوك! أي شيء إلا عبور البوابة.
- لا تقلق، سأشغله بأي شيء ليبتعد قليلا ثم أخرجك ... لن تنتظر أكثر من ثلاث دقائق أو ربما دقيقتين.
دفعه عبر البوابة، وأغلقها سريعا ثم استدار، تماما في اللحظة التي دخل فيها البروفيسور ذو اللحية البيضاء. فوجئ لرؤية مساعده ثم قال:
- وصلتَ مبكرا اليوم! يبدو أنك متلهف لمعرفة كيف تعمل البوابة الكونية.
- آه بالتأكيد، يا دكتور.
- حسنا، سأشرح لك … تلك البوابة تعمل كجسر بين كل الكواكب داخل المجرة، أي أن بإمكانك الانتقال إلى أي كوكب في مجرة درب اللبانة، كل ما عليك أن تكتب الإحداثيات الصحيحة على لوحة المفاتيح تلك … هل يمكنك أن تتحرك قليلا! تصرفاتك غريبة جدا اليوم … لماذا تبدو متوترا هكذا؟
قال وهو يتحرك مبتعدا عن الآلة:
- لا شيء! فقط … لا شيء …
- يمكنك أن تكتب الإحداثيات التي ترغب بها …
بدأ البروفيسور بالكتابة على لوحة المفاتيح، وواصل:
- ... على سبيل المثال، هذه إحداثيات برانيون سبعة …
سحب الباب، ليجدا على الجانب الآخر أرضا لزجة وتحوي الكثير من الحفر المظلمة … أغلق الباب وبدأ بالكتابة. قال مساعده:
- والإحداثيات التي كانت مكتوبة؟
هز رأسه وقال:
- وهذه إحداثيات كوكب المريخ.
فتح الباب وأشار إلى الأرض المغطاة بالتراب الأحمر. أغلقه من جديد وقال بفخر:
- هيا، يمكنك أن تجرب أي إحداثيات عشوائية، كما فعلت أنا في التجارب الأولية.
- جميل جدا، يا دكتور ولكن …
- بالطبع هناك الملايين من الإحداثيات، وكل منهم قد يؤدي إلى أي مكان في المجرة.
- نعم، ولكن الإحداثيات التي كانت موجودة هذا الصباح …
نظر إليه بدهشة وقال وهو يبتعد:
- لقد أخبرتك للتو أنني كنت أجرب إحداثيات عشوائية في التجارب الأولية … بالطبع لا أذكر أيا منها!"
بقلم: عبد الهادي عاصم محمد
تعليقات
إرسال تعليق