*** فوبيا ***
الأديب/ عادل عبدالله تهامى السيد يكتب
فوبيا
فوبيا
===
منذ سنوات لا أحصيها ..رحل جدى الأكبر.
كان يملك مالا وفيرا ،وتخضع له أراضى شاسعة ،وكان جيراننا يقتاتون مما يفيض عن حاجتنا.
كان المدخل إلى بيتنا الفسيح مزين بأشجار الكافور ممشوقة الساق كثيفة الأوراق .
تم زراعتها بحيث تتشابك وتتناغم الواحدة تلو الأخرى ؛حتى تبدو كقطار طويل عرباته متماسكة !!
وكنا حتى وقت قريب نزهو بسيارات حديثة تتهادى عند دخولها ذلك الطريق المعبد بتتابع وأناة حتى تدخل جراچ فسيح ؛لتتراص بنظام تم إعتياده منذ زمن بالغ القدم ،وكان الرسامون على نمط دافينشى ،ومايكل أنجلو يرتادون حدائقنا الغناء ؛فيرسمون اللوحات، ويسعدون طيلة مكوثهم بثمار الفاكهة الطازجة ،وينعمون بزقزقة الطيور .
كان بيتنا بالغ القدم كثير الحجرات فى أعلاه؛ لتنظيم شئون الدائرة ،وفى الأسفل تفنن البناءون فى صنع السراديب ؛لتكديس مايعد من الكنوز بالغة الروعة شكلا ،وموضوعا بغرف سرية ؛تم إعداد خرائط للوصول إليها؛ نظرا لكثرتها ،وقيمةماتحتويه؛ حتى يمكن تتبعها!!
هكذا علمنا من موسوعة جدى العتيقة.
يوم مات جدى إنفرط عقدنا ،وإختل النظام داخل بيتنا ؛فأصبحت أخاف الظلام ،وترتعد فرائسى ؛لسماع صوت حفيف الأشجار فى يوم عاصف . أصبحت الأصوات العالية مصدر ألم!!
تحولت جنان بيتنا لصحراء لازرع فيها، جف مصدر الماء ،وتساقطت أوراق الأشجار!!
إعتياد جيراننا على إنتظار ماتجود به حدائقنا لم يتوقف ؛حتى أصبحوا ينتظرون غفلتنا ليقتاتوا طعامنا ومانختزنه كبقايا من زمن الجود والعطاء !!
أصبحنا نرى جرذانا ضخمة الحجم تتوحش فتأكل جذور الأشجار أوهكذا خيل لي!!
هى ذات الغرفة التى ورثتها عن جدى ببابها الخشبى!!
تعلمت فى مدرستى أن الفئران تتغذى على الأخشاب ؛فإعترانى هاجس ؛ أنها ستقتحم غرفتى حين تنتهى من عمل فتحة تتيح لها الدخول .
كابوس متكرر أرى أفواهها ،وأسنانها الحادة تنشر خشب الباب بالغ الضخامة؛ حتى أوشكت على الوصول إلى غايتها.
أصبحت عادة عندى تكفين جسدى بغطاء سميك ؛حتى تختفى كل الأجزاء.
صرخت يوما عندما رأيتهم يقضمون أصابع قدمي بتلذذ ،لايعيرون لصراخى بالا !!
رأيت عيونهم حادة ؛تترصد بى فتملأنى رعبا !!
صرخت بأعلى صوتى ،ثم رأيت شعاعا يخترق فروق شباك غرفتى ؛وكأنه يوقظنى من غفوتى!!
تحسست جسدى، وتفحصت أصابع قدمي؛ فإطمأنت نفسى، وذهبت نحو باب الغرفة ؛فوجدته بحالته ،ولم أجد أثرا للفئران!!
بقلم:عادل عبدالله تهامى السيد على
مصر
تعليقات
إرسال تعليق