***  صباح الخير إيميلدا ***





الأديب/ أحمد سيد عبدالغفار/ يكتب 

 صباح الخير إيميلدا

 صباح الخير إيميلدا

هذه رسالة عابرة, فوضوية ومُعقّدة, بلا هدف أو مقصد, لا تقرأيها باهتمام, لا تمعني النظر في تفاصيلها وانفعالاتها, أردت أن أكتُب لكِ ولا أعلم ماذا أقول! لا يوجد ما أتحدث عنه, لا أفكار في رأسي تشغلني ولا رغبة لدي في إكمال الأشياء الناقصة.

هذا الخواء المريع الذي يكبر ويتوسّع, يلتهم الأيام بشراهة وقسوة, كغول جائع لا يُميّز بين الصالح والفاسد, الفراغ يقتل ببطء, يسلخ الروح بلا شفقة, يزيل تلك القشرة الهشّة التي أنهكتها الأفكار, إن الفراغ يدفعنا نحو الحماقة ويُجبرنا 



على التلذّذ بالمرارة.

 

هذا الصباح, استيقظت وأنا في حالة لا أجد لها وصفًا, وكعادتي, أجلس لساعات في صمت, برفقة أشياء بسيطة, قهوة وتبغ وموسيقى, أستعيد نفسي تدريجيًا متجاهلًا الأصوات الصارخة في الخارج والضوضاء النابعة من الداخل, وجلست في هدوء راهب اعتزل الدنيا وسكن الكهوف منتظرًا الموت.


أشعر بالضعف .. بالوَحشة .. بالغُربة, بأنني سأسقُط مثلما سقطت في الماضي, أنا لم أخبركِ عن الماضي, عن سنوات الفراغ والتسكُّع, عن انعدام الأمل والرغبة, عن انطفاء الشغف واختفاء الرفاق, عن أوقات التفكير في الموت والانتحار, عن البؤس الذي لازمني كَظلّي واليأس الذي قتلني ألف مرة كُل ساعة.

لم أحدّثكِ عن فتاة ظهرت في حياتي وظلامي, كمصباح وحيد في شارع مهجور, جاءت مع المطر, لمسَت جدار القلب ولم ترحَل, كسّرَت الأقفال الصدئة واقتحمت الدار بلا استئذان, ألقت بداخلي قبسًا من نور, غرسَت في صحرائي زهرة وجلست تُسقيها حُبًا وأملًا ومواساة. أنا مدينٌ لها بالكثير والكثير.


إيميلدا, لكم يرعبني العودة إلى الماضي, إلى الحياة القديمة المُحبِطة والمُميتة, لذلك استدعيتكِ, لعلّكِ تجدين حلًا ومخرجًا, لعلكِ تُنقذيني, حاولي, وإن لم تفلحي فلا بأس, لكن لا تغيبي ولا ترحلي.


- احمد سيد عبدالغفار

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع