*** خبر أبيض !! ***







الأديب / عادل عبدالله تهامى السيد/ يكتب
 



خبر أبيض !!

 قصة قصيرة .. خبر أبيض !!


نهار خارجى 

--------------

المكان ..بجوار شاطىء بكر مهجور؛ حتى من الكلاب الضالة.

 يظله جبل صخرى شامخ ؛يغرى على الصعود ؛حيث يتدرج كسلم ممهد درجاته كأنهاصنعت بعناية ؛لتتيح الصعود بطمأنينة ويسر .


الأمواج تبدو على مرمى البصر ترتطم بأسفله فى عناق مستمر تروح وتجىء مرة بهدوء ورتابة، ومرة بعنفوان وغضب .


بعضها ينساب بين ثنايا الصخور ،فيصنع مايشبه البئر .


جلس مستندا بظهره على صخرة ناعمة ، ونظره يرنو نحو إمتداد البحر وكأن حوافه تلامس السماء .


كان الوقت بين الليل ،وقرب بزوغ النهار.


 خيطا رفيعا بدا في الأفق ؛كأنه يشق الظلام.


 رويدا رويدا بدت أشعة الشمس لتنبىء عن بروزها كقرص أبيض لامع يسبح فوق سطح الماء.


خياله أخذه بعيدا ؛فسحر مايراه يغريه على التأمل.


 تساءل عن عالم وراء مايراه بعينه المجردة .


ينبض بالحياة ..سكانه من ذوى الوجوه الباسمة يستقبلون يومهم ببشاشة.


 تتشابك أيديهم ،وقلوبهم ،لايشعرون بضيق ،ولاتشرد عقولهم .


شعر بطمأنينة ،وهدأت روحه الطيبة. علت وجهه إبتسامة ؛ لأنه كان توا بين يدى ربه يناجيه فى صلاة الفجر.


  سجوده طال ؛حتى شعر من بجواره بأنه غاب عن الوعى.


  قام وأكمل صلاته .. حين خرج من المسجد وجد قدميه تحفزانه على المسير تجاه هذا المكان.


 هنا أيضا يستطيع مناجاة ربه، والسجود دون أن يلفت نظر أحد فما أقرب العبد من ربه وهو ساجد .


أسلم جسده لغفوة طالت ؛حتى أيقظته حرارة الشمس حين تعامدت فوق رأسه.


 لسعه لهيبها ؛فنهض ململما شتات نفسه عائدا رغما عن إرادته يجر قدميه مبتعدا عن البحر والجبل السامق.


 إندس داخل زحام الناس.


 أخرجه صياحهم من لحظة صفاء

إستمتع بها .


كانت وجهته صوب مقهى تعود على إرتياده منذ سنوات.

 

جلس على مقعده المفضل فى ركن يتيح له مراقبة الشارع .


طلب قهوة تركى وأشعل سيجارته الصباحية ،وفتح هاتفه النقال .


طالع أخبار البورصة ،وراقب اللون الأخضر ،واللون الأحمر.


 سلم سيجارته لشفاة مشققة، ونفس دخانها ببطء شديد .


حاول حبس دخانها لأكبر وقت داخل جوفه، ثم قرر إخراجه مرة واحدة كان يشعر براحة غريبة !!


وضع كلتا يديه فوق رأس متعب، وتشبثت عيناه بنافذة الدور الثالث .


ترقب فتح النافذة !


نوع من الإنتظار غلفه القلق !


وراء هذه النافذة خبر يتمناه سعيدا .


نظر فى ساعته ،وجدها تشير إلى الثالثة إلا الربع" بعد الظهر ".


موعد الطبيب الثالثة .


إبنته ستفتح النافذة كما إتفقا ؛لتعطيه البشارة.

 

وجدها تطل برأسها..


 أشارت بمنديل أحمر ؛فنهض فى سعادة تعلو وجهه إبتسامة.


 أشار للنادل.. أجزل فى مبلغ البقشيش!


 وجد قدميه تتسابقان .


صعد درجات السلم ،كشاب فى العشرين.


 كانت إبنته فى إستقباله.

 

إحتضنها ودموع الفرح تغمرهما .

 قالت :مبروك يابابا 'ماما رزقت بتوأم ذكر كما كنت تتمنى'!

 

إقترب من رفيقة الحياة قبلها على جبهتها ،وراقب الطفلين بسعادة ،وهما يتحركان ،ويصدران صوتا كزقزقةالعصافير ، ثم سجد وطال سجوده ،حتى شعر بلمسات يد إبنته تذكره بأجرة الطبيب ،ومساعديه؟! 


أخرج مافى جيبه ..


وجده بالكاد مثلما طلبوا ،فحمد الله على نعمة الستر!!


عادل عبد الله تهامى السيد على

            ..مصر..

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع