*** شوك وعلقم ***
الأديب/ عبدالوهاب ناجي ناجي/ يكتب
شوك وعلقم
قصة قصيرة
عبدالوهاب ناجي ناجي
شوك وعلقم
كان نشوان في جوف الصحراء، وستائر الليل منسدلة، قرر المبيت في واحة على الطريق، توقف الجمل أمام خيمة المسافرين، على يمينه جماعة يتحلقون حول نار مشتعلة يتسامرون، وفي اليسار، جمل رابض وشخص على حصيرة يلوك الطعام، وبالقرب منهما، فتاة موثقة اليدين، أثارت استيائه، أناخ جمله وترجل، التفت إلى الشخص بصوت الاحتجاج: - ألا تطعم الفتاة؟ . - اعلم يا هذا. قاطعه نشوان : - نشوان.. أنا نشوان. - وأنا سيف الإسلام..اعلم يا نشوان بأن هذه أسيرتي، وليس لك أن تتدخل بيني وبين أسيرتي. وراح يرغي ويزبد، وينعت الفتاة بأقذع الألفاظ، حتى أسمع بقية السمار، فتحلقوا حولهم، يتساءلون: - ما الأمر؟ . قال سيف الإسلام : - هذه أسيرتي، بل قولوا بأنها مصيبتي، أسرتها للحصول على المال، طلبتُ الفدية من أهلها، فأبوا، كأنهم قد تخلصوا منها، وطفتُ بها في الأسواق لبيعها ، فلم يبتاعها أحد، وهذا نشوان يتدخل بيني وبين أسيرتي. صرخت الفتاة : - اختطفني وغنمي من مراعي الحي. - أفعال قبيحة. زادت عصبية سيف الإسلام، فعرض على نشوان عرضا لا رجعة فيه: - خذها مع جملي بالسيف، أو آخذ جملك ومالك. قال المتحلقون لنشوان : - لقد أنصفك الرجل، وأنصف الفتاة، تلك هي عاداتنا وتقاليدنا، فمن أين جئت يا رجل؟ . - إنه لص، ويجب معاقبته. جرت المبارزة سريعة، جُرِح فيها سيف الإسلام، وطار من يده سيفه، ووقع على الأرض يلفظ أنفاسه الأخيرة، أقر المتحلقون فوز نشوان، فك الوثاق عن الفتاة، وأعلن أن الفتاة حرة، ووهبها جملا لتعود به إلى أهلها، وأبتاع لها العشاء، تنسمت الحرية والتمعت صفحة وجهها وأضاءت ما حولها بضوء قمري، انكسفت منها النار فانطفأت. وما كاد يجلس على حصيرته، حتى وقف شخصا أخر، يطلب الفتاة بسيفه، فكانت المبارزة الثانية، ولحقتها الثالثة، بعدها، لم يعد أحدا يلتفت نحو الفتاة، ونام الجميع على جثث طمرتها الرمال فأنبتت شوكا وعلقم.
عبدالوهاب ناجي ناجي
سبتمبر 2022
تعليقات
إرسال تعليق