*** ومضة سعادة ***





الأديب/ عادل عبدالله تهامي / يكتب 


ومضة سعادة

 قصة قصيرة

.........(ومضة سعادة)..........


كعادته منذ زمن بعد صلاة الفجر، يقرأ الورد الصباحي، ثم يقرأ جزء كامل من القرآن ،ثم يصلي ركعتين لله.

 عندما ينتهي يجد الأبناء الثلاثة يتناوبون الدخول للحمام ؛تمهيدا لتجمعهم على مائدة الإفطار بينما تقوم زوجته بتجهيز السفرة .

وجوههم نضرة ،صبوحية باسمة يملأها الإشراق .

يدخل غرفته؛ ليتهيأ في أجمل هندام !!

بدلته السوداء الداكنة ،وقميصه الأبيض الناصع،ورابطة العنق ذات اللون القرمزي 

 يزينها بدبوس أهدته له أم الأولاد في عيد ميلاده الخمسين ،يضع المنديل في جيب الجاكت العلوي بنفس لون رابطة العنق، يسمع خطواتها تقترب ؛لتفتح الباب إبتسامتها الرقيقة لم ينل منها وجودها في دائرة العقد الرابع، يحب كلماتها المعتادة بالصلاة والسلام علي سيدنا ومولانا محمد ،وتعقبها بتلاوة سورة الفلق، وتعيد الآية من شر حاسد إذا حسد .

تعبر عن سعادتها بوسامته ،وشياكته المعتادة، وتتفاجأ بأنه لم يلبس جوربه الأسود الداكن ؛فتجلس بمقربة منه ؛لتلبسه كما تعودت كأنها تضع آخر اللمسات، يأخذ قنينة العطر ذات الرشاش فينثر عبيرها على وجنتيه وتحت الإبطين ،ثم يفاجأها برشة سريعة كنوع من الدعابة الصباحية .

تقترب منه وتدخل تحت ذراعيه حتى يحتويها ،وتلثمه بقبلة على جبهته معقبة بدعائها المعتاد.. ربنا مايحرمني منك .. يضمها بحنان (الظهر الذي لايمكن الإستغناء عنه ).

يخرجان متشابكي الأيدي؛ فيجد الأبناء في إنتظار المصروف اليومي !!

مائة جنيه لكل منهم كمقرر يومي!! يتأففون من عدم زيادته ؛فينظر إليهم بنظرة حازمة تجعل الكلمات تتوقف في حلوقهم ،بينما تسارع الزوجة؛ لإحضار حذاءه الأسود اللامع ذو المقدمة المدببة 

تبتعد كأنها تطمئن على كامل هندامه ووسامته مرددة من شر حاسد إذا حسد. 

يودعها ويلحق بأبنائه الذين يهرولون على درج السلم !!

يركب الأبناء سيارة أجرة يودعهم بينما تراقبهم الأم من شرفة منزلهم ملوحة بيديها .

يقف في إنتظار سيارة العمل ؛فهو بدرجته الوظيفية تتيح له جهة العمل سيارة خاصة بسائق، تعود إنتظاره رغم أن السائق عرض رنة من الموبايل تفيد إقترابه .

رؤية الشارع في باكورة اليوم مع نسيم تلك الفترة من النهار تبعث في جسده النشاط !!

يلمح طفلين يبدو من هيئتهما تماثل غير عادي ..يقتربان ..سنهما لايتعدى الست سنوات .. يرتديان مريلة بيضاء وربطة عنق حمراء وتحت الإبط كيس من القماش ملفوف بعناية يتقدم أحدهما قائلا: ممكن ياعمو فكة جنيه نصين ؟!

يتذكر وجود عملة معدنية في جيب صغير حاكه الترزي للعملةالصغيرة .

يفكر لثوان أن يعطيهما ورقة فئة خمسة جنيهات ؛ولكنه يتراجع بحسه 

الفلسفي ..يقدم الفكة ويأخذ الجنيه ..يخرج شيكولاتة بالبندق فيعطيها للطفلين ..يراقب سعادتهما وهما يقتسمان الجنيه .. يسيران متشابكى الأيدي يلتفتان فتتلاقى النظرات يلوحان له وهو يبتسم ويرد التحية!!


بقلم:عادل عبدالله تهامي السيد علي


............مصر..............

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع