*** الانطفاء ***





الأديب/ جواد المريوش / يكتب


الانطفاء


الانطفاء / قصة قصيرة

تتمة !

************

جواد المريوش 

احتضنها نجيب ، جاثيا على ركبتيه اللتين لم تقويا على حمله . فقد كان وقع الخبر على اذنيه صاعقا !

سحبهاعن الباب جانبا ، وراح وهو يبكي ، يقبل عينيها وخديها وجبينها ، مهللا ، مكبرا ، مصليا على النبي واله . وهما لايزالان يفترشان الارض .

الطبيبة ، خرجت من غرفتها ، بعد ان نادتها الفتاة البوابة ، ضاقت العيادة بما رحبت . المراجعات في قاعة الانتظار ، تجمعن حول الصبية وزوجها ، وقد عصف بهن المشهد العاطفي ، واكبرن في نجيب ، حبه لزوجته ، وحنانه عليها ، فرحن يذرفن الدموع ساخنة ، ومن خارج العيادة تهافت بعض المراجعين والمراجعات ، بعد ان سمعوا الصرخة ، والجلبة التي احدثها التزاحم !

ربتت الطبيبة على كتف نجيب ، مطمئنة اياه بأن امرأته حامل .

--- حبيبتي رنا ، وهو يضمها الى صدره بشوق ومحبة ، الم اقل لك ان الله لن ينسانا ! من فيض رحمته ، وسنا بركاته ؟

لقد تحقق الوعد ، وهاهو الزائر العزيز ، الذي كنا نترقب قدومه منذ عشر سنوات يطل علينا !

-- نجيب حبيبي . ردت عليه رنا ، بصوت خافت ، وانفاس متقطعة ، ثم اختنقت بعبرتها ، فدفنت وجهها في صدره .

 رشت وجهها احدى المراجعات رذاذ عطر ، ومسحت على وجهها وعينيها ، وربتت على خدها مشجعة :

-- هيا هيا انهضي ايتها الجميلة ! لقد احرجت زوجك ..

مبارك حملك ،  خذي بالك منه وداريه جيدا  !  

لفت ذراعها حول رقبة نجيب ، ونهضت رنا خائرة القوى ، مستندة على كتفه . طوق خصرها بأحدى يديه ، وامسك حقيبة يدها والاوراق المختبرية ، باليد الاخرى ، وغادرا العيادة مبتسمين ، مشيعين بدعوات الحاضرين ، ودموع بعضهم . 

 وفي طريق عودتهما الى البيت ، كانت الفرحة هي من يمسك بمقود السيارة ، وليس كفا نجيب . بينما كانت رنا غارقة في بحر شاسع ، من الافكار والاحلام اللذيذة ، والتهيؤات الحالمة ، وقد اسبلت جفنيها منتشية وادعة ، مما زادها جمالا ، انعكس على وجهها الملائكي ، اشراقا وملاحة وحبورا  ، الهب مشاعر نجيب واججها حبا وسعادة .

بصوت ناعم ، غارق بالنشوة همست رنا :

--- خفف من سرعتك نجيب ، تمهل في مشيك ، ودعني اكرع سعادة حلمنا دون خوف ، فسرعة القيادة تخيفني .

___  احب ان اطير الان رنا .. كي ازف البشرى لامي وابي !

--- ان اسرعت ، او ابطأت حبيبي ، فلابد لنا وان نصل البيت وسيعلمون !

---- رنا ، كما رأيت الفرحة بين عينيك ، لحظة خروجك من غرفة الطبيبة ، احب ان ارسمها على وجه امي !!!

كان نجيب ، هو الطفل الذكر الوحيد لعائلة ، انجبت خمس بنات قبله ، وهو يساعد اباه الكاسب في اعالة اولئك البنات . يحبهن كثيرا ، وهن يحببنه كأثمن ما رأت عين او سمعت اذن .


## للقصة تتمة 

جواد المريوش / العراق -- البصرة

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع