لعبة الممكن

 ق.ق ` لعبة الممكن 

الكاتب ~ عامر علي إبراهيم ~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~~~~~

لعبة الممكن 

  تحدّث أحد اللّاعبين بعد أن إحتسى ما رفع عن لسانه التحفّظ فقال:

هنا، على هذه الطاولة، و في هذا الوقت المتأخّر من سهرتنا المزدانة بما شربناه على نخب ما يجنيه كبارنا في تلك المزارع الغريبة، أفسّر لكم بعض البديهيّات في عالم الضفّة الأخرى :

ـ لا تهتمّوا كثيرا بالمنطق، فالبيادق وهي تستحمّ في الوحل ترى أنّها تزيل عنها الأدران ،تسكنها قناعة أنّها تفعل ما يجب مادام الأمر صدر لها به... لا تفكّروا في سبب ذلك، قد لا يكون الذنب ذنبها  فهي بيادق على أيّة حال، و لا يمكن أن يتغيّر حالها مادامت مؤمنة بالولاء  بلا بحثٍ في وجاهته. قدرها أن لا قرار لها أصلا، و لا أهميّة تمثّلها لدى من يحرّكها سوى أن تكون طُعما لصيد أهمّ منها بكثير. الرّقعة حيث تدار الأحداث و كلّ ما يُحرّك فوقها يخيّل أنّه لخدمة الملك ما لم يأسره ملك آخر يزرع تحت ياقوتة عرشه دهاءً مبتكرا. القرارات المهمّة في الحقيقة  تُتخذ خارج ساحة المعركة ، في غرف لا ترصدها الأفكار المقروءة و لا تُظهر الأشباح من خلف نوافذها و أنّما يُدرَك وجودها بالنتائج التي تخلّفها .

اللّاعبون  على كراسيهم إلى حين، كلٌّ له خطط و غايات يرتّبها منتظرا إشارة تأتي أو غفلة تحدث... المناورات عنوان لِلُعبة المُمكن وصُنع الفرص بغيرها، تفترض التضحية بالبحيرة لنيل البحر بدرره أو الخروج من أعماقه بأقلّ الأضرار أو حتّى أقصاها ماعدى سقوط الملك المنصّب  لأنّه إن هوى ينهي فصلا من اللعبة. الملكة بدورها محطّ أنظار راسمي الخطط وهدفُ صيدٍ يُدفع  لنيله قلعة و حصانا . فالدّهاء إذا استمرّ يقلب الموازين و يغيّر سياسات كثيرة . الفيل يدهس في مجال قطريّ بلا رحمة إذا تنقّل بحكمة، لكنّه قد يسقطه بيدقا إذا تهوّر، الحصان قد لا يستمرّ في الرّكض كثيرا والقلاع قواعد قد تزال من خريطة اللّعبة في أيّ وقت يرى اللّاعب الثّمن مناسبا أو يغفل عن تحصينها فتدكّ أثرا بعد عين ..

الحماية بالولاء و حضور البديهة ربّما حوّلت بيدقا ملكا آخر بصلاحيّات كاملة إذا ما بلغ آخر خطوط دفاع الخصم أو حكمت المعركة بحمايته ليبلغها فيصير لأحد اللّاعبين ملكان أحدهما بطعم بيدق، وربمّا أُوعِز للملكة بالتغيير فتضحّي بالأوّل فيصيرالثاني ملكها البيدق أو بيدقها الملك . الرقعة هي الحقيقة الوحيدة الثابتة و قد تتسع لأكثر من معركة ... 

متعة اللّاعبين تربو  كما تربو  خيرات الفقراء  في بنوك خلف البحار و يربو الظلام في الضفّة الأخرى .

  ( انتهت ) 

عامر علي إبراهيم -تونس