نُقطَة تَحوُّل
ق.ق ~ نُقطَة تَحوُّل
الكاتبة ~ ليلى حمل الليل ~ تكتب..
~~~~~~~~~~~~~~
✒️ نُقطَة تَحوُّل
على إِحْدى أُسرَة الإصْلاحيَّة، يَرقُد فتًى لَايتْجاوز أَربَعة عشر عامًا، جسدًا هزيلًا، عيْنيْه الجاحظتين، مُعلَّقتين على مِروَحة السَّقْف، سَيْل مِن الذِّكْريات العابرة، يَمُر أمامه... مرٌّ على اِنفِصال والدَيْه عامان … قَاسَى خِلالَهَا أَشهُرا مِن التَّذبْذب بيْنهمَا وَصعُوبة فِي التَّأقْلم، لَم يَعُد وُجوده مَرغُوب بِه... بُعْد زَوَاج وَالدِه بِأخْرى، وَفِي بَيْت جَدِّه ضَاقَت النُّفوس بِضيق المكَان، وَتَوجسَت زَوجَة خَالِه قلقًا على بَناتِها مِن وُجُود مُرَاهِق بيْنهنَّ... جِدَال وشجار لا ينتهي فِي البيْتِ... لِذَا اِتَّخذ قراره سيخْرج لِلْعمل والْمبيتِ فِي دُكَّان أحد الأقْرباء، مِن قِلَّة الحيلة وافقتْ والدَته، وَعدَم مُبالَاة الوالد جَعلَه يُبَارِك الأمْر بِارْتِيَاحًا شديدًا، أَمضَى "أَحمَد" عامًا … يَقضِي النَّهَار فِي الدُّكَّان لِلتِّجارة وَيسرِي اللَّيْل لِتصعْلك وجد فِي الممْنوعات رَفاهِية اَلهُروب مِن الواقع، وتذوُّق فِي أَحضَان نَشوتِها سَعادَة غادرتْ قَلبَه مُنْذ زمن، حَتَّى كُشِفَ أَمرُه وفضحَتْه نَوبَة جُرعَة زَائِدة …!!... تَوقُّف عن النَّظر إِلى المرْوحة، أَغمَض عيْنيْه اِسْتغْرق ساعات يَتَصفَّح كُلُّ لَحظَة مَرَّت وَصُورَة، لَم يَجِد فِي ذَاكِرة غَيْر صُرَاخ وجدال والدَيْه، رَأْسّا مُثقَلًا بِالْآهات نَظرَة الازْدراء مِن أقْرانه الَّذين طالمَا ضايقوه وَهُم يتباهوْن أمامه بِمقْتنياتهم وهواتفهم المعاصرة، رَفاهِية لَم يَكُن لِيحْلم بِهَا، ظَلَّت وَمَضات الذِّكْريات تَتَسرَّب مِن الماضي صُوَر بِنْتِ خَالَة ندى ذات العيْنيْنِ عسليَّتيْنِ اِبْتسامتهَا اَلتِي تَسقِي قَلبَه اَلبرِيء، تَنهَّد كثيرًا على حَالِه … لَم تَكُن هَذِه الإصْلاحيَّة فِي الحسْبان … فتى مُرهَف الإحْساس مَثلَه لا يتحمل كُلَّ هذَا الإحْراج، أَدرَك اِسْتحالة تَغيِير الماضي، لِذَا بدأ يَنظُر إِلى المسْتقْبل … على عَتَبات القدر يَبدَأ خطواته اَلأُولى … قَرَّر الإمْساك بِزمام أُموره … أَودَع أُمْنيَته دُعَاء فِي جَوْف السِّحْر إِلى مِن لَا يُخيِّب رجاءه …
اِنتهَى.
لَيلَى جمل اللَّيْل
اليمن... عدن
تعليقات
إرسال تعليق