الضيف العزيز



 قصة ~ الضيف العزيز

الكاتب ~ د . جرجس حوراني ~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~~~

الضيف العزيز

ونحن نتناول طعام الغداء، قلت لهم: غدا سأصطحب معي ضيفا عزيزا . .كنت أنوي أن أفاجئهم، ولكنهم صدموني برد فعلهم. . فزوجتي ودون أن تسأل عن الضيف، قالت: لسنا مستعدين لاستقبال أي زائر في هذه الأيام، الامتحانات على الأبواب، وبالتالي لابد أن تكون أبوابنا موصدة أمام كل هدر للوقت. .

وطبعا أولادي الثلاثة ساندوا أمهم : ابنتي التي تشبه هديل الحمام قالت: يبدو أنني سأزعل من خالي، دائما يأتي في وقت لا نستطيع أن نجلس معه ونستمتع بأحاديثه الطريفة. وابني الكبير شابك يديه أمام صدره، وقال بحزم: تؤجل كل الزيارات حتى منتصف حزيران القادم، ومن لا يراعي ظرفنا، لن نأسف على زعله. اما ابني الصغير فكان أكثر مرونة: بابا أنا اعتذر نيابة عنك، لا تقلق.

كنت أسمعهم، وأكتم ضحكة تضجّ في صدري، ولكنني استسلمت لنداء غريب، وأشعلت النار أكثر: يبدو أن الأمور خرجت من يدي، لقد أعطيت كلمة!

احتدت زوجتي أكثر: دائما توقعنا في مأزق، لماذا لا تشاورني قبل ان تتصرف؟

قلت لها: اعتقد أنني امتلك بعض الحرية كي أنفذ بعض الأمور. .

قالت بغضب: لك الحرية، عندما تعرف كيف تسخرها لصالح العائلة، لا ضدها.

قلت ولازلت احتفظ بهدوئي: في كافة الأحوال أعطيت كلمة ولن أتراجع. .حضروا أنفسكم لاستقبال الزائر.

ترك ابني الكبير طاولة الغداء، ومضى وهو يبربر: كلمة! أعطى كلمة. . يحلم بزمن الفروسية، ويعتقد أنه يعيش فيه.

قالت ابنتي محاولة أن تلطف الأجواء: اعتقد أن الامور ليست على هذه الدرجة من السوء، وكم سيبقى هذا الزائر؟ يوم، يومان. نسهر كل يوم ساعة إضافية. . وأيد ابني الصغير أخته: نعتبر ذلك نوعا من الترفيه والترويح عن النفس.

تلبدت السماء بغيوم، وبدأت تنذر بعاصفة مطرية شديدة. .تركتهم وغادرت البيت. وأعرف أن الأولاد سيعملون على إعادة العجلة إلى سكتها. .لكن أعجبني التحدي، فقررت أن استمر فيه، وهكذا أمضينا ليلة حالكة.

في اليوم التالي، وعند عودتي من الدوام، كانوا يترقبون، حضور الزائر غير المرغوب، ولكن في كافة الأحوال كانت زوجتي قد انصاعت للأمر الواقع، وحضرت غداء يليق بالقادم، وكان الأولاد قد استيقظوا باكرا ليعوضوا الساعات التي من المحتمل أن يمضوها مع الضيف، والذي هو خالهم حسب اعتقادهم ، لأنه اعتاد ان يزورنا كل اسبوع حيث يقضي يومين عندنا بعد أن ألزم بالدوام في وظيفته.

فتحتُ الباب. كانوا واقفين مشدودي الأعصاب. لم يجدوا أحدا معي. سألت زوجتي: أين ضيفك؟ ابتسمتُ، قلت لها: إنه وراء الباب، ولن يدخل إلا إذا اعتذرتم له، قلت ذلك بصوت مرتفع، ,أكملت وكأنني أخبره: لا أحد كان يرغب بقدومك.

شحب وجه زوجتي. وذبل الأولاد. ولكنني في هذه اللحظة تماما، فتحت الباب، وقدمت لهم قفصا بداخله، طيران ذهبيا اللون يسميان:" العاشق والمعشوق" . وسط ذهولهم، وضعت القفص على الطاولة. وقلت لهم: دعونا نكمل الاحتفال بعيد ميلاد أمكم التي نسيت أمورها لأنها منهمكة بأموركم. وهي التي طالما أوحت لي أن وجود طائر في البيت يجلب له السعد. وبعد انشغالهم بالقفص، قلت لهم منتصرا: تعلموا يا أولاد هذا الدرس" أحيانا قد يكون ما نخشى قدومه هو مصدر سعادتنا".

د. جرجس حوراني 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع