*** أكباد فاضت بالرحمة ***






الأديب/ أبوالقاسم  محمود/ يكتب


 أكباد فاضت بالرحمة 

 أكباد فاضت بالرحمة

غبار يجثم على صدري، خياشيمي أصابها التلف، أعدل من لثامي بوضعه فوق أرنبة انفي لأخفظ من منسوب النثانة .. في نياط القلب غصات مكدسة !!  أمط شفتاي متذمرا من نقع معاركهم ، صرت مكتظا بالغضب ..

أهرب من سهام  عينيهم ، أقتطف قبضة من الحبق ، أفركها بين راحتي لأغدي بعبقها تجاويفي ..

رائحة الموت، أنياب تلتهم الغادين ، همهمات وهمس !!

خلف كاميرا المحل أسمح لعيناي بتفحص المكان ، أتنصت ،

أراقب حركات الرموش ، الإبهام ، كلما لوح أحد المرور بالسلام أصبح موضوع الحلقة، نظراتهم تغادرها البراءة ، تمزق سكاكينهم لحوم بعضهم ، يتبادلون الأدوار ، يستعذبون الغمز والهمز ، يبحثون عن ضحية جديدة ، يقضمون ما تبقى من إنسانية  ، نطاق رؤيتهم كالشع ، كلما علق أحدهم بين خيوطه تسابقت العناكب على ٱمتصاص جوفه .. 

عيناي جاحظتان  في شاشة كاميرا المراقبة ، أتابع مشهدا يتكرر، لا جديد فيه ، يفتقد عنصر التشويق ، بدأت تصغر الشاشة في عيني ، تصغر معها الشخصيات ، تتقزم ، تتحول كائنات لا مرئية .. 

-ماذا أفعل هنا ؟! قاتل الله الفضول !!

لا أدري ما الذي حل بي ؟!  أنا الذي كنت مصمما على عدم تضييع فرص الحياة ، ها أنذا أميت أوقاتا تصلح للحب، أشيع الإنسان في ذاتي ، أدفن الساعات في تفاصيل خيباتهم ، هل صرت مثلهم أخيرا ؟

أهرع خارجا ، تزيد مواجعي ، خلف كل الجدران عيون  ، شاشات نصبت ، خلفها ألف راصد ، يصيب الخراب دواخلي فيحولني مدينة إغريقية، أدور وأدور كثور طاعون!!

- أليس من حقي أن تطاول عيناي ناطحات السحاب وموج البحر وألوان الدفلى ؟ هذه الوجوه مقرفة تمضغ الخواء ، تلوك الذنوب ..

 حملت خيباتي هاربا من بستان پلاستيك , ولجت ما بين الأشجار ، أطلقت أشرعتي للإبحار بين الخلائق ، طيور تغرد مغادرة أعشاشها، أصوات البلابل تشدو أغنيات المساء ، أسراب اللقالق والحمائم والقطا تقترف الحياة جماعة ، قردة تنط فوق الأغصان ، تتشارك  البسمة ، تقتسم قطع الموز ..

- لا لا ، يستحيل أن نكون من سلالة هذا المخلوق الطيب.


-أبوالقاسم محمود 

16دجنبر2022

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع