إعتراف
قصة ~ إعتراف
الكاتب ~ عبد الكريم العلي ~ يكتب...
~~~~~~~~~~~~~~~~
( إعتراف )
بَسمَلَ ، و قرأ آيات يحفظها من القرآن الكريم ثم ختمها بالحوقلة زافاً ذكريات الصبا في مخيلته ،و هو يضرم النار ، مقلب الأغصان الجافة تحت أجيج الشوق إلى الأيام السالفة ..كم هو العمر قصير كهذا الغصن ، يولد فرع صغير ثم يكبر و يكبر ليصبح غصناً أخضراً يانعاً ، لا يلبث حتى ينحدر يابساً ميتاً ينتهي جذوة أو شرارة نار ...تسللت الأفكار بين هذا الركام من الذكريات ليرى نفسه في محاكمة ذاته ، و أنه متهم بالذنب في سنين عمره ، لقد ضاعت تلك الأيام هباءاً منثورا ، و بدأ يسأل عمَّ فعله ،و ماذا أنجز طوال حياته كانت النتيجة فراغ جارح كخنجر يحز في وريده ... نكز الأغصان برأس عصاه ، و استطرد يعاتب نفسه لماذا أخذتُ دور الخاسر المهزوم الجاهل في المجتمع ، لماذا التهمتُ الأخطاء والزلات بشراهة و بلعتُ ايام و سنوات في أماكن الملذات والشهوات ، و غيري اختار زاوية العلم ، ينهل منه أطيب المعارف ويوسع حدود وعيه ..وآخر ارتمى تحت التجارب يبتغي الوصول للحقيقة...نعم لقد أخطأتُ و غيرتُ مجرى حياتي بإرادتي المتعجرفة ..بدلاً أن أجتبي طريق النجاح و ألتزم هدفاً واضحاً ألفه بالتصميم و الإرادة القوية ، كما فعل أقراني ، و وصلوا إلى حيث أرادوا ، المهندس ، المعلم ، الدكتور . أما أنا كنتُ في الضفة الأخرى حيثُ أرفدتُ ساعاتي و أيامي بين الملهيات والرغبات الممتعة ، تحت سلطة الجهل والتقاليد الزائفة ..فالخطأ خطائي والذنب ذنبي ، لا هي غلطة مجتمع ولا زلة قدر ، بل نحن من يخلق الظروف و يضع العوائق لننصب العجز والكسل أمام العزيمة المشوهة ... استنكر و راح يردد : أنا الإنسان أنا المجتمع إذا تغير الإنسان تغير المجتمع ، أنا الروح التي جأت من الله ..نظر إلى ساعته وسأل من صنعها..؟ تذكر الهاتف ، السيارة ، الطائرة.. من أين جأت ومن صنعها ...؟ إنه الإنسان ، لكنه الإنسان الآخر...و نحن ماذا فعلنا وماذا صنعنا ..؟
قلب الأغصان المجمرة وكأنه يحرق أيام غابرة و سنين ماضية بنار الذكريات...
اختلس نظرة من حوله ،و عاد إلى دنياه مهتز الذكريات مترجرج الأفكار عازماً على إحداث أثراً في حياته فلم يجد الإ شجيرات النخيل التي أطعمها و غذته و سقاها و روته ..
مؤمناً ، إن ضرب بفأسه ليسقي شجرته سيصل صداها إلى أنحاء العالم .....
عبد الكريم العلي/ سورية ..
تعليقات
إرسال تعليق