الثلج



 قصة ~ الثلج 

الكاتب ~ فتحي مسعود ~ يكتب... 

~~~~~~~~~~~~~~~

الثلج 

نوينا أنا و زوجتي قضاء عطلة ثلجية مع الأبناء والأحفاد... فقصدنا الجبل... 

كانت رحلة استكشاف... 

لا أجمل ولا أحلى من لمّة عائلة لها آفاق مشتركة؟

لم نعش سقوط الثلج عن قرب ، بقينا تحت تهاطله على شكل بلورات حتى أخذنا البرد... تسارعنا إلى الشقة وأشعلنا المدخنة، رجعت فينا الروح، بقينا نعشق ندف الثلوج خيوط خيوط، شهب ليلية، حتى غطت مدخل الشالي... أحضرنا العشاء رجالا ونساء وما ألذ نكهة الرغيف عندما يكون العرق مشتركا... أخذ منا التعب وتوجه كل واحد إلى غرفة نومه وبقيت ساهرا مع الحطب...

ها أنني في الغابة، مخبئي محاط ومختنق  بالثلوج.

في داخل البيت، الجو حميمي وناعم، ينبعث ضوء برتقالي من الموقد حيث تلعق النيران الطويلة الزجاج الواقي. يبدو أن الوقت معلق.

أما خارج البيت آثار اليوم السابق على الأرض لم تعد مرئية.

في صمت هذا الصباح، أتأمل من خلال النافذة الكبيرة المعطف الأبيض الذي رسمه الليل.  لم يبد لي نفس الشيء المتساقط في كل صباح، يا له من إلهام! ودائما ندفة ثلجية واحدة تلو الأخرى تصور اللوحة البيضاء... اللامعة...


بالنسبة لي، كان العالم دائمًا عملية البحث عن الكنز العملاق. في معظم الأوقات، أذهب في مغامرة دون أن أعرف ما أبحث عنه حَقًّا. أفكر خارج الطرق المعروفة، واستكشف، وأعرض نفسي لما هو غير متوقع، لأشياء لا أعرفها. دائمًا ما أظهر نفسي كمبتدئ، في مواجهة الثانية العابرة، ثم يومًا ما، في لحظة محددة، يقدّم الاكتشاف نفسه لي، دون أن أكون قادرًا على تحديد كيف حدث ذلك.

 كمْ مرة نجوت من موت محقق؟ أو كيف يمكنني أن أجد نفسي في الوقت المناسب في المكان المناسب، بالصدفة التي لا تزال تبدو محظوظة للغاية؟

كل الأشياء العظيمة تحدث الواحدة تلو الأخرى.

غدا تشرق الشمس وعلينا أن نبدأ من جديد بهذا الألم أو ما هو أسوأ من يدري...؟ ما يوقفنا في كثير من الأحيان ليس صعوبة أو حجم المشروع ولكن فقط الطاقة اللازمة للبدء. العلامات والحدس جزء من حياتنا، والأمر متروك لنا لكشفها.

 أجلب الحطب، أشعل النار واحرسها... هذه هي الحياة.

احضرت القهوة والحليب والبيض المسلوق واللحم والجبن والزبد والعسل والفواكه والمشروبات وناديت في امتي... حضر فطور الصباح...

فتحي مسعود

تونس 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع