ميثاق
قصة ~ ميثاق
الكاتبة ~ سارة محمود ~ تكتب...
~~~~~~~~~~~~~~
ميثاق
يجمع أقلامه الملونة ويصب إلهامه صبا على قطعة من الكرتون أحضرها من على ناصية الرصيف ، ليعيد رسم ملامح حبيبة عايشها ولم يعشها ،يرسم روحها على ورق ، يغازلها ...يزينها ...يجملها ...يغدقها حبا وحنانا ...
رغم لهيب الشيب الذي غزا رأسه ...
ورغم جسد نحيل ...هزمته الحياة مرارا ...بقي قلبه شابا بها ،منتصرا...ظافرا...بطيف يصول ويجول على عرش قلبه .
اقتربت منه قليلا ...وسألته ماذا ترسم ياعم ؟
أجابني...هل أعجبتك ؟
_نعم أعجبتني ..لكن من هي ؟
_هي زهرة أيامي ...وحبر أقلامي....وطيف أحلامي .
_هل هي حبيبتك ...؟
_نعم ...
تأملت ذلك المسن ذو الملامح الصماء الذي يرافقه الصمت والسكون
وكأنه لم ينطق سلفا .
ماتت كل الجزيئات الحسية عنده ،غدا قلبه من الحياة وأصبح مجرد عضو يضخ الدماء المتشبعة بالموت .
وقفت دمعتي حائرة ...متأبطة رمش الشفقة ...تتكئ على كتف وجنتي ....ليتنهد الأمل من عيني بعد أن أكمل رسم وجه محبوبته.
_لنكمل حديثنا ياعم ...هل تحبها ؟
_ أنا مدمن بها ...كنت أتعاطى حروفها وصوتها .. لدرجة أني أحببتها بجنون .
-وأين هي الآن ؟
- الآن هي مغتصبة بأوراق شرعية .
_ فهمت ...لقد تزوجت رغما عنها .
_ نعم صحيح.
_ ولم لم تتزوج أنت؟
_ يابنتي ..لافائدة من إتساع السماء إذا فقد الإنسان أجنحته.
فأنا ياابنتي...أجهضت أمنياتي المتأخرة ووئدت قبل أن تنبض فيها الحياة ، فنحن من حرم على أمانينا أن تطأ أرض واقعنا ،ف حياتي ك أرجوحة مربوطة بخيوط الوهم تارة ...وتارة بخيوط الحنين ...معلق أنا بخيوط الهواء ما بين السماء والأرض ...
أنتظر سقوطي مع كل ارتفاع إلى السماء ...
وأنتظر موتي مع كل نزول إلى الأرض .....لا أنا لامست السماء ...ولا بقيت فوق الأرض ...لم يتبق مني سوى هيكل بلا عقل .
-سأتركك بأمان الله ياعم ...أسعدني الحديث معك .
- قبل أن تغادري سأخبرك شيئا يا بنتي ...
مابين الجوع والشبع رغيف ...وما بين السعادة والتعاسة ..ود شخص واحد من بين ملايين الأشخاص .
ومع ذلك يموت بعض الناس جوعا ...ويموتون غربة ...ما أبخل
قلوب البشر .
غادرته
لأمسك قلمي وأخط حروف الرواية ....وأرسم تجاعيد الحكاية
لحكاية كانت ميثاق صبر على نوازل الأيام .
بقلمي : سارة محمود
تعليقات
إرسال تعليق