أحزان ومسرات



 قصة ~ أحزان ومسرات 

الكاتب ~ رعد الإمارة ~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~

عابر سبيل( أحزان ومسرات )


١ (بعد فوات الأوان )


أذكريني، كان آخر ما تفوهتُ به قبل أن نفترق، لم أمنع نفسي من التلفت للخلف، لم تبرح مكانها بعد، ورأسها الفاتن ما زال منخفظا للأرض، تبا،كيف سمحت لأصابعي أن تفلت يدها، وددت الرجوع بقوة، ليس من اللائق ترك مثل هذا الكائن الجميل برأس منحنية، عدت لها بلهفة عجيبة، هرولت مثل طفل، كانت ماتزال تقف كتمثال جميل، لم تأبه للضجيج حولها ،كانت تحدق فيِّ بأصرار عجيب، حتى بعد أن دهستها سيارة مسرعة ورمتها بعيدا!.


٢ (رحيل مر )


حاولت الغناء في المطبخ، كان صوتي يقطر حزنا، كنت وحيدا مثل أبريق الشاي، خيل إلي أن الملعقة الفضية قالت أحسنت ، وحدها قطة البيت ماءت بصوت طويل وكأنها تقول:

_ليس من اللائق الغناء في يوم كهذا، لاحظ أنك لم تدفن زوجتك بعد!.


٣ (مزاح )


قالت شقيقتي بأن أبنة الجيران معجبة بي، حين أخبرتني شقيقتي بذلك احمر وجهي، كنت في سبيلي للنوم حين فعلت ذلك، أذكر أني سحبت الغطاء حتى غمر رأسي، صباحا استيقظت بهمة عالية، حتى أني رتبت سريري، قلت لشقيقتي التي كانت تقف خلفي وهي تحمل صينية الفطور:

_ هل تسمحي بأن تعيدي كلام البارحة!. 

_أي كلام؟. 

_ بنت الجيران، أنت تعرفين.  كان بودي صفعها حين كركرت ضاحكة:

_ كنت أمزح معك، واضح إنك لا تعلم بمن  يسكن حولنا، فالجيران ليس لديهم أبنة، أبداً أبداً. 


٤ (حبيبتي التي يطل الجنون من عينيها )


لم يعد سرا، فغرامنا صارت تهمس به حتى الورود، كانت حديقة الزوراء هي ملاذنا، والبنت الشقية، ما أن نبلغ البوابة الكبيرة حتى تتأبط ذراعي، أقول لها:

_ لا يهم، سيظن الناس أننا والد وأبنته.  في البداية تكركر بعذوبة، لكنها سرعان ما تتوقف وهي تتشبث بذراعي:

_ لكنك حبيبي، هل تريد أن أخبر الجميع بذلك! قد أكتب ذلك على لافتة واحملها معي في المرة القادمة. أطرف بعيني، تبدو جادة حتى إنها تكف عن الأبتسام ،ولوهلة أتخيلها وهي تحمل لافتة بيضاء من الورق المقوى مكتوب فيها هذا الرجل حبيبي، بالكاد أبتلع ريقي، تدفع بسبابتها في خاصرتي، تهمس وكأنها تقرأ أفكاري:

_ نعم، حين تفكر بالأمر ستجده خطيرا، كنت تعرف أني مجنونة حين وقعت في غرامي، ستبدو اللافتة جميلة وهي محاطة بزهور الياسمين.


٥ (أول مرة )


تمر الذكريات بسرعة، أحاول جاهدا التقاط أفضلها وأبهجها إلى نفسي، يا إلهي، انظري،أنت بثوب المدرسة الذي أحببته، ها أنتِ قادمة صوبي، تلك كانت أول مرة، كانت تمطر، وشعرك كانت تحيط به هالة عجيبة من البخار، اكاد أهرب من تقطيبة حاجبيك، تبدين غاضبة وكأنك تقولين، اغرب عني ياوجه البومة، ليس اليوم مناسبا للتعارف أو الغزل، لكنك لم تفعلي أيا من هذا، كان لطيفا من أمنا الارض حين جعلتك تتعثرين، بعدها أسندتك بكل محبة ،همست لك بصوت لست أملكه:

_اسم الله. لا أدري، لكنه كان سببا فاتنا لتقعي في غرامي، مرة ومرتين!.


بقلم/رعد الإمارة/العراق/بغداد 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع