*** توجس ***






الكاتبة/ سمية جمعة  / تكتب 


 توجس

 

ليلة البارحة لم تكن كباقي الليالي، كل ماكان حولي ينذر بالانهيار، كئيبة تلك اللحظات بغياب الأمل، لم أذهب إلى المدرسة، فقد كانت ليلة عصيبة، شعرت بصداع كبير، ودواريأخذني يمينا ويسارا، مضى الوقت بطيئا وأنا  أتصفح كعادتي منصات التواصل ومتابعة 

 صفحاته، كانت بطارية هاتفي ضعيفة  ولازال التيار الكهربائي مقطوعا، قررت إنهاء كل شيء، والخلود إلى النوم،

لم أستطع النوم! استيقظت،  مع الملل، والضيق، طغيا على كل دقائق ليلتي! أخبرت أخواتي بالذهاب إلى بيت أخي  في المخيم، كوننا اشتقنا  لابنه الصغير (وليد)، كانت الشوارع خالية،  الكل متوجس من حدوث هزات أخرى!

 حال وصولنا، استقبلنا ابن أخي بكلمات متلعثمة وعيون ضاحكة، تدل على حجم الفرح والمحبة،  وهو ينادي:

- ( عمتو... عمتو )

رجعت بذاكرتي لى بيتنا، سلم البيت  القديم، وأشجار  البيلسان واللوتس يغطيانه بكثافة، كنا حذرين خوفاً  على الأطفال من السقوط.

شربنا القهوة، تبادلنا الأحاديث الجميلة، تضاعفت مخاوفي ولم تهدأ، ازداد قلقي أكثر، وأنا أتابع زهور الليل الفواحة، والأخبار عبر الهاتف الذي تعج بالوجع والألم والقنوات التي تتحدث عن الهزات وتداعياتها، الوضع غير آمن، ففي أي ساعة ربما تحدث هزة أو أكثر، كان وليد ممسكاً بهاتفه، وأغنية تصدح عالياً، ومع كل مقطع يعد للعشرة،يصفق بعدها،  رفعت يدي للسماء:

-  يا الله... من أجل الطفولة البريئة، أمننا في بيوتنا ياالله، كفانا قلقا وخوفا، هذا الجيل الذي عاصر كل أنواع القسوة من جائحة كورونا، الحرب، التشرد، والآن.. هزات أرضية، وكوارث.

 سمع (وليد) كلمة زلزال سقط  الهاتف من يده!

ركض صوب المطبخ يخبر أمه

- ( ماما ذلذال، ذلذال )

لازالت صدمة الأمس  ملتصقة بذاكرته، ففي الليلة الماضية خرجوا إلى الشوارع تجنبا للخطر.

 تهيأنا للخروج، قال أخي:

-  ابقوا هنا الليلة.

قلت:

لا... علينا ألا نكون كلنا في مكان واحد، يجب أن نتفرق. خرجنا، كانت شوارع المخيم مكتظة، كل مجموعة انفردت في زاوية، الأطفال يملؤون الشوارع لم أصدق ما رأيت، في طريقنا إلى البيت كان الشارع المؤدي إلى بيتنا مزدحما كأنه يوم عيد، مشينا...عندما وصلنا الساحة المقابلة لبيتنا كان الأهالي داخل  السيارات، جيراننا أومؤوا  لنا بالدخول معهم في سيارتهم ، بعد أن أخبرونا  بأن الهزة القادمة ستكون عالية التأثير.

سمعت وقع خطواته على السلم ،اعتراني الخوف أول الأمر،... وصلنا إلى البيت،  ضجيج الساحة  يلاحقنا، قلت في نفسي، كنا ندعو الله أن يمنحنا البيت الذي يأوينا، يحمينا، واليوم صار البيت  لا يمنح حماية ولا يصلح كمأوى،

شاهدت العم أبا زكريا و معه بعض الأغطية، ينتظر في سيارته  ،و صوته يعلو،طبعا السيجارة لا تفارق فمه، قلت له: بالله عليك،كلما أراك أشعر بالفزع، أنت دائما تثير الخوف و خصوصا عند النزول  على الدرج،ضحك و قال : هذه مشيئة الله،تركته و صعدت الدرج،تخيلت لو صار شيئا كيف سننزل ؟

سمية جمعة سورية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع