*** معطر الجو ***
الكاتب / أبوالقاسم محمود / يكتب
معطر الجو
سأرتب مفرداتي المارقة خلف مزلاج الدولاب لأمنع عنها الشمس،
سأخنق لاءاتي بشسع أحذيتي وأشنق لغو الكلام بين أضراس الهدوء،
سأمحو من مساحات ذاكرتي المعتمة مفاهيم الشؤم وأرمم وجه أفكاري ببتلات البيلسان ،
سألبس حروفي فساتين الفرح لأزفها بين الحضور باقات ورد ، وأنثر بين الناس عبق الزعتر عسى البسمات تعلو محيا الزائرين..
سأمشي رويدا رويدا ما بين السطور،
أراقب أنفاسها خلسة ،
أزيل معاني الغضب بين الفواصل،
وأزرع بين حروف العطف فسائل التفاؤل ،
سأجمع كل معاني النجاح خلف حروف التوكيد ،
وأرسم بين الأقواس شارات النصر ،
سأعصر من نهد الضاد نصوصا تزخر بالمجد..
سأفتل من فرزات النص قلادة وأمرر أصابعي خيطا ناظما بين القفا والعنق ..
سأشد أزر واسطة العقد بقلب أحمر، وأجمع شتات البغضاء على آلة حدباء لأشيعها لمثواها الأخير في مقبرة جماعية،
لا تليق الحياة ببواعث الموت!!
سأصوغ معاني تتلألأ على أشرعة الخواطر المنكسرة ،
وأجبر كسور الفقرات بهمزة وصل ..
ولأثير أمة إقرأ سأزين الرأس بصولجان من ماس،
أمسح الدمع بمناديل المسودات وأجرب كل مساحيق الدنيا ، وليسمو النص، سأنزع من رواسي الجبال كحلا يناسب لون الأحداق السوداء ، سأراقص كلماتي المعطرة على ركح باليه .. أنتقل لصالون تجميل لأنهي رتوشاته الأخيرة ، في الطريق أهديه سوارا ذهبيا وخلخالا تراثيا يليق بسيقانه البضة..
سأفك الحصار عن المناطق السوداء لأدخلها معترك الإحتفالات ، وأقص شريط مشروعي الجديد !!
سجل أيها الرائي شهاداتي فقد تعبت من الشكوى لغير الله، حرر بمداد أقلامك أني ، ما عاد لي دور هنا بين الجموع الواقفة ضد التيار ، لقد هرمت بين صراخ الصمت المتكلم والمحابر الدامعة،
سجل أني جاوزت حد الأربعين.. ودعني أستريح قليلا من تعب المسير..
دعني أرى زرقة السماء بعيون المحبين ،
لقد مر العمر سريعا دون أن أمنح نفسي حق التمعن في قوس قزح ، أتركني أشيح بوجهي عن مسببات الغضب إلى حياض شقائق النعمان والرياحين ، وأنظف طبلة أذني من دوي ساحات الوغى والهزائم ..
إمنحني فرصة ٱلتقاط ومض البرق وصوت الرعود ونغمات البلشون ، فأنا بعد اليوم أفكر في التوبة ومغادرة جغرافيتي الرمادية نحو الآفاق الرحبة ، ساعدني كي أحيك أشرعتي قبل الإبحار.
-أبوالقاسم محمود/المغرب-الزاك
تعليقات
إرسال تعليق