رضا



 قصة ~ رضا 

الكاتبة ~ سعاد جكيرف ~ تكتب...

~~~~~~~~~~~~~~~~~~

رضا

آه يا صغيرتي،تمنيت أن تكوني تلك الأميرة التي ترتدي أجمل الفساتين ويزين قدميها حذاء سندريلا الأسطوري،بدل حذاء بالٍ ممزق، تمنيت أن تنعمي بالدفء الأبوي قبل دفء الموقد الشتوي، لكنك افتقدت الاثنين معا،وهِمت معي تبحثين عن غصونٍ مترامية هنا وهناك عافتها الأشجار فلفظتها بعيدا عنها.

أم فتية رغم ملابسها البالية،إلا أن وجهها الملائكي وجمالها الهادئ يأسر كل من ينظر إليها،تحمل على كتفها حزمة من الأغصان،بينما تحتضن بين يديها خرقة تحوي رزما من العيدان اليابسة، لتستعملها لاحقا كوقود لفرنها الطيني وهي تطهو خبز الشعير،الذي تعشقه صغيرتها الوديعة...

بجانب والدتها تمشي الهوينا،تغطي رأسها بوشاح أحمر قانٍ،حتى تستشعر بعض  القيظ وتخفي يديها الصغيرتين المتجمدتين بجوارب مهترئة ،علها تقيها صقيع الثلوج التي غطت المكان، فجمّلت قساوة ووحشة المنظر، وأضفت عليه لمسة شاعرية، تماما كتلك الابتسامات اللطيفة المرتسمة على وجه الأم، وكأنها أرادت بها السخرية من قساوة البشر والطبيعة معا...

ابتسامات تحكي قصة تحدّ و رضا وتفاؤل بالغد وما يخبئه من مفاجآت، تمنت من كل قلبها أن تكون سارة،عساها  تنسيها ووحيدتها مطبات الزمن التي لازمتهما منذ هجرهما من ظنتا أنه السند والمدد،فكان مجرد أناني آثر الفرار والتملّص من كل مسؤولياته.


                      سعاد جكيرف 

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع