القربان



 ق . ق ~ القربان 

الكاتبة ~ ربيعة ابن لطيفة ~ تكتب...

~~~~~~~~~~~~~~~



 على إثر تفاقم جرائم تقتيل النساء في العالم العربي (ماي 2023)

القربان

أدار والدها المفتاح ودفع الباب بقوّة، ولج إلى فناء الدار وصوته يصدح باسم والدتها. كفكفت دموعها وارتدت نظّاراتها الشمسيّة حتّى تخفي آثار اللّطمة على عينها، نظرت إليها والدتها نظرة المتوسّل بأن لا تفتح فمها.         قطعت "صبرا" شكواها واستجابت لتوسّلات أمّها. فجأة سمعت بكاء رضيعتها "ربح"، يبدو أنّها استفاقت من قيلولتها، سارعت إليها وفي الأثناء اعترض سبيلها والدها، سلّمت عليه من مسافة بعيدة كي لا يلاحظ احمرار وجهها من البكاء. لكنّة دعاها قائلا:" هاتي ربح وتعالي إلى أحضاني، لقد اشتقت لكما".

كانت "صبرا" بنت الثلاث وعشرين سنة البنت الكبرى لأبويها، تزوّجت منذ ما يزيد عن ثلاث سنوات وتأخّرت في إنجاب طفلتها الأولى "ربح"، لم يفرح زوجها ووالدته بالمولودة، تمنّيا أن تكون ذكرا، ولكنّهما أجبرا الزوجة على تسميتها باسم حماتها...

لحقت الجدّة الغرفة، أخذت حفيدتها بين ذراعيها لتسكتها وطلبت من "صبرا" أن تعود إلى منزلها قبل أن يعلم والدها بما حصل لها من زوجها وتتفاقم المشاكل. لطالما كانت حريصة على أن تحافظ على زواج ابنتها، درءا للفضيحة وخشية على بناتها الأخريات. فلن يرغب أحد في الزواج بهنّ لو طلّقت أختهنّ.

غادرت "صبرا" المنزل بعد أن ودّعت والدها بقبلات حارّة وأحضان كثيرة... ولكنّها تركت ابنتها لتنام معه. ليس استجابة لشوقه لها...ولكنّها كانت تخشى أن ينفّذ زوجها تهديده ويذبحهما...

لم تكن قد مضت ساعتين عن مغادرتها للمنزل حين هاتف شرطيّ والدها ليعلمه أنّ "صبرا" غارقة في دمائها وأنّها قد تفارق الحياة في أيّ لحظة.

لحقها والداها إلى المستشفى، التقت نظراتهم عند باب الدخول. كان المسعف يسارع بدفع السرير المتحرّك ليدخلها قسم الجراحة ورغم ذلك استطاعت أن ترى والدتها وتقول لها:" سامحك الله يا أمي لقد أرسلتني لقاتلي، لا تسلّمي له " ربح" ربّيها أنت ولا تسمحي لرجل أن يضربها...

بقلم ربيعة ابن لطيفة


تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع