رواية متخلى عنها



 ق . ق ~ رواية متخلى عنها

الكاتب ~ ابو القاسم محمود ~ يكتب...

~~~~~~~~~~~~~~~~~

 رواية متخلى عنها


كلما اتصلوا على هاتفه لم يجدوه..

 ترفع  الهاتف فتجيب: ألو، من معي؟

- معك على الخط إدارة أعظم جائزة للرواية العربية على فيس بوك..

وبين فرحة مؤجلة ودهشة تسأل مدفوعة بحب الاستطلاع، 

- بماذا أخبره حين يأتي؟

- أشعريه أن نصه قد تجاوز المراحل الإقصائية الأولى.. وقبل أن يجيب على أسئلتها المتكدسة أنهى الإتصال بعبارة " عليه أن لا يبتعد عن الهاتف، المراحل القادمة حاسمة وتحتاج لتواصل"

لم تعر الأمر اهتماما معتقدة أن الأمر سينتهي قريبا بعد الإقصاء، لقد كانت تمني النفس بكتابة رواية تخلدها وقد حصل، غير ذلك يبقى تفاصيل..

مرت أيام قليلة، وهاهو الهاتف يرن مرة أخرى، 

- نفس الرقم، إنه هو، ماذا أقول هذه المرة؟! 

تركته يرن ريثما تلقى إجابات، وفي الجانب الآخر ظل المتصل ملحا على الحديث وهو يكرر النداء بعد كل انقطاع دون ملل..

وبأصابع مرتعشة ضغطت على زر الرد: نعم، للأسف لقد خرج لتوه من البيت، يمكنكم الإتصال بعد لحظات..

-سيدتي الأمر لا يتحمل التأجيل، فالرواية اختيرت من بين ثلاث روايات ولا بد من التنسيق مع صاحبها فيما يخص الإهداء والطبع و بعض الأمور الجانبية، الجائزة أيضا قيمة وينبغي التشاور معه في شؤون صرفها أو التبرع بها أو...

- لا عليك سأخبره ! 

- التتويج سيكون بعد نصف شهر، و سيتم إعلان الفائز في ختام الحفل، أرجوك بلغيه بجدية الموضوع..

ظلت عيناها مشدودتان لسقف البيت، تفتش بين مصابيح الثريا المعلقة عن حيلة : لابد أن مبلغ الجائزة مغر ! لكن كيف أعترف الآن لهم بأني مؤلفتها أنا التي طالما ختمت كل كتاباتي باسم ذكر.. ؟!

كيف أقنع متابعي صفحتي وخصوصا العاشقات منهن أني واحدة منهن!؟

كيف أظهر الآن بوجهي وأتبنى نصا ضمنته كل مغامراتي ونزواتي و جراحاتي ؟! هل يمكن أن أتحلى بهذه الشجاعة والجرأة لأعلن أن هته الأوراق المغرقة في الثورة الجسدية تخص حواء هته المسكينة ...؟! لا ، لا، لا يمكن أن يحدث ذلك على الإطلاق..

بعد تفكير عميق، اهتدت لفكرة قد تستفيد منها على الأقل ماديا، وتستمر من خلالها في لعبة التردد المسلية..

دخلت صفحتها، بدأت تبحث عن اسم يطابق ذاك الذي ختمت به روايتها "محمد الكاتب"، وجدت الكثير من الصفحات المطابقة، 

وفي غمرة البحث عن ممثل يمثل الدور على الوجه الأكمل، اقتحمت خصوصيات كل شخصية عبر المعلومات المتاحة، وبين الفينة والأخرى تتسلل عبر الخاص للتأكد حتى وجدت ضالتها..

حددت موعدا للقاء على عجل، تأبطت مسودة من الرواية، تفاهما على تفاصيل العملية ومضى كل منهما لسبيله وقد تواعدا على التواصل حال ورود جديد،

من حسن حظهما أن الحفل سيقام في نفس الدولة وهو أمر فرحا له كثيرا ..

وصلت للبيت، رن الهاتف، ردت متقمصة دور رجل عبر صوت جهوري، أجابت بدقة عن أسئلة المتصل الذي حدد موعد تسليم الجوائز مصرا على إبقاء الهاتف مفتوحا ..

استدعت (محمد الكاتب) سردت على مسامعه المستجدات وسلمته جوالها.. 

ظل مرابطا خلف الشاشة والكتاب، يقرأ النص من الورق ويتابع القراءات النقدية التي تناولته عبر الفضاء الأزرق، لم يذق طعم النوم في تلك الليلة..

في الصباح الموعود، جلسا في فسحة مقهى على مقربة من مكان اللقاء منتظرين فتح أبوابه.. 

وماهي إلا لحظات حتى أعلنت البداية، انطلق نحو الباب، عيناها تلازمان خطواته، طلب منه البواب الإدلاء ببطاقته الوطنية، رفض، كان اسم (محمد الكاتب) لقب شهرة.


- أبوالقاسم محمود/المغرب

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع