الوشاح



قصة ~ الوشاح 

الكاتبة ~ هالة مهدي ~ تكتب..

~~~~~~~~~~~~~

الوشاح

اتّخذت مكانها داخل العيادة، كانت تشكو من ورم حميد أكّد لها الطبيب أنه سرعان ما يزول بعد تناول الأدوية المناسبة. أتت ذلك اليوم لتتأكّد من شفائها نهائيا. كانت تغطّي شعرها بوشاح به ألوان زاهية تسرّ النّاظرين، حتّى أنّ أغلب النساء اللاتي كنّ معها وإلى جانبها قد لاحظن الوشاح وسألن عن ثمنه ومكان بيعه.

جلست بجانب امرأة لا يبدو عليها الكبر، لكنها كانت ذابلة العينين شاحبة الوجه كاسفة اللون تغطّي رأسها بوشاح أسود زاد من ظلمة وجهها. 

تجاذبت وإياها أطراف الحديث، وعرفت أنها تعاني من داء السرطان الذي انتشر في جسدها النحيل انتشار النار في الهشيم.

قالت لها المرأة بابتسامة باهتة:

- ما أجمل وشاحك الورديّ الملوّن، كم كنت أودّ أن أضع مثله على رأسي لكني لم أجد مثله في السوق.

أحسّت الفتاة بارتياح واستدارت لتسمع بقيّة الموجودات في قاعة الانتظار وهنّ يثنين على وشاحها مؤكّدات ما قالته لها المرأة.

قالت تحاول مواساة المرأة ذات الوجه الشاحب:

- وشاحك أيضا جميل جدا، فأنا أحبّ اللون الأسود كثيرا، فما رأيك لو تبادلنا الوشاحين أعطيك الورديّ وتعطيني الأسود وسأكون لك من الشاكرات.

تورّد وجه المرأة لأوّل مرّة، فكم تمنّت أن تلبس ذاك الوشاح حتى للحظات... 

نزعت الفتاة وشاحها بسرعة داخل القاعة المخصّصة للنساء، ثمّ زيّنت به رأس المرأة وقد كان شعرها قد تساقط بفعل الأدوية، تهلّلت أسارير وجه المرأة وأحسّت بأن الحياة قد دبّت فيها من جديد. ثمّ وضعت الفتاة الوشاح الأسود على رأسها فأضفى عليها هالة من الوقار وجمالا لم يخفَ على كل الجالسات في قاعة الانتظار.

هالة مهدي

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع