إش إش وحجرة الفئران
قصة ~ إش إش وحجرة الفئران
الكاتبة ~ نجوى حسيب ~ تكتب...
~~~~~~~~~~~~~~~~
(إش إش وحجرة الفئران)
.
(إش إش)
طفلٌ ظريفٌ لكن الجميع يلقبه بالشقي وهو دائما يحب اللعب بدراجته بجانب المنزل وكلما كان يغيب عن نظر أمه
تنظر من الشرفة و تتفقده من وقت
لآخر وإذا لم تجده فتبدأ بالنداء عليه بصوتٍ عالٍ وتبحث عنه،
وكان أحيانًا يستجيب لندائِها وأحيانًا يعود بعد وقتٍ ويدعي عدم سماعها،
وربما يأتي بجُرحٍ في قدمِهِ أو سجحات على ذراعهِ أو كدمةٍ في رأسه،
وتكون تلك الأشياء نتيجة اللعب بدراجته أو الشجار مع بعض الأولاد،
وكانت
أمه تغضب منه وتنهره وتهدده بأنه غدًا يذهب إلى المدرسة ويضعونه بغرفةِ الفئران لتلتهمه،
ثم تأمره بالاستحمام وتناول طعامة الذي كان عادة يتناول اللحم أو الدجاج أو السمك ويهمل بقية الأصناف التي تفيد جسده،
ثم يلتفت إلى مشاهدة التلفاز أو اللعب بالموبايل حتى يغط في النوم،
وفي يوم سمع أباه وأمه يتناقشان بشأنه،
وكيفية ترويضه
قالت الأم:
لا عليك
لا تغضب ستؤدبه المدرسة ويتعود على الاستيقاظ المبكر وعلى إطاعة الأوامر ولن يكون لديه وقت للعب ومشاهدة التلفاز أو اللعب بالموبايل،
وهنا قال الأب:
نعم المدرسة ستغيره كثيرًا وخاصة إذا تم عقابه على يد أحد من معلميه ووقتها سيتعلم كيف يتحكم في سلوكه،
هنا تذكر (إش إش) أنه من عدة أيام اصطحبته أمه لشراء ملابس تشبه ملابس إخوته للمدرسة وبعض من الأقلام والكراسات،
فامتعض وبدأ يفكر، ولكنه لم يهتد لشيء ونام،
مرت أيامٌ قليلةٌ وفي صباح يومٍ منها أيقظته أمه ليذهب إلى المدرسة،
ووجدها تجهز له إفطاره
وعلبة بها بعض من الساندويتشات ،
وبالرغم من تأففه كان فرِحًا بلون زجاجة الماء والحقيبة التي تحمل شخصية كارتونية يعشقها،
سمع كلاكس يضرب ثلاث مرات فأخذته أمه لتوصله إلى باص المدرسة وهو يحاول أن يفلت من يدها لولا صوت أبيه أتى إليه محذرًا،
وحينما ركب الباص صار كل شيء حوله ضخمًا، فرأى مشرفة الباص فيل ضخم والسائق أسد يزأر والعامل قرد يتقافز هنا وهنا،
والتلاميذ مجاميع من كلاب وقطط
لا تسكن،
ووصل إلى المدرسة ووقف الجميع في الطابور،
بدأ المعلم ينادي الأسماء وحينما انتهى كان
(إش إش) يقف في مكانه لأنه لم يسمع اسمه، وهنا جاءت معلمة وكانت ضخمة البنيان،
صاحبة وجه يعلوه الجمود وتتعامل بقسوة مع الأطفال، ودائما تظهر تكشيرتها لهم وسألته:
عن سبب وجوده في فناء المدرسة وحينما أخبرها بأنه لم يسمع اسمه،
ضربته على وجهه ثم مسكت إحدى أُذنيه بعنفٍ،
وتعنفه بشدة وهي تجره من يدِه حتى آلمته،
وحينما بدأ بالبكاء وتعالى صوته
هددته بأنها ستضعه بحجرة الفئران لتلتهمه وخاصة لو كان كاذب، ودخلت به إلى حجرة المدير الذي بدأ يراجع الأسماء مع معلمة أخرى هادئة لا تفارق الابتسامة وجهها، وبالرغم من الزُعر على وجه
(إش إش)
إلا أنه استأنس بوجود تلك المعلمة واستشعر فيها الأمان،
اقتربت منه تهدأه وتمد يدها ببعض السكاكر وتعطيه إياها،
فمد يده المرتعشة وصوت صدره يعلو ويهبط
وأخذها وهو
ينظر بخوفٍ إلى المعلمة
الأولى
ويتذكر كلام أبيه عن العقاب،
وكلام أمه عن غرفة الفئران،
بدأت المعلمة الهادئة تسأله عن اسمه فأجاب:
(إش إش) وسألته عن اسم والده فأجاب: عادل
هنا فهمت المعلمة أنه نفس الطفل الذي سجلوه في سجل الغياب، وضحكت لأنه لم يتعود على اسمه الحقيقي الذي كان (هشام)،
وهنا نظر حوله ووجد المدرسة الأولى وحيد قرن مخيف
والناظر نمر يترقب فريسته،
أما المعلمة الطيبة رآها قطة جميلة أليفة،
وهنا اصطحبته تلك المعلمة
الطيبة إلى فصله وكان جميلًا ومزينًا وقالت له:
الآن هذا فصلك وأنا معلمتك،
وقال لها:
ألن أذهب لغرفة الفئران؟
ضحكت معلمته وقالت:
ماهناك غرف للفئران فهي تعيش في جحور بعيدة لاتخف،
فأخبرها عن تهديدات أمه والمعلمة ،
فغضبت وقالت كلتاهما مخطئة،
إنهما يهددانك لتكون هادئ وتسمع الكلام وتنتبه للدراسة وأنا أعلم أنك ستكون هكذا بالفعل دون حاجة لعقاب أو غرفة فئران،
نظر لها هشام متعجبًا،
وبدأ شعور ينتابه بأنه يجب أن يسمع كلامها ويكون عند حسن ظنها،
وبعد ثلاثة شهور كان (هشام) طفل آخر يلتزم بكل شيء متفوق، يؤدي واجباته وينهي فروضه وينام مبكرًا ويأكل كل أصناف الطعام وكل هذا لأن هناك معلمة عرفت كيف تعامله وتخلق منه طفل خلوق متميز،
وبعد مناقشة المعلمة للأم اكتشفت خطأها في عنادها مع الطفل وتهديدها له وأصبحت تعامله برفق،
ومع انتهاء العام الدراسي تم دعوة أسرة (هشام) لحفلٍ في المدرسة لتكريم المتفوقين،
وكان هشام يقف بينهم مزهوًا بنفسه يحمل شهادة تقدير بيد ويلوح لأسرته بيده الأخرى،
وفجأة على مسرح المدرسة جرى (هشام) ليحتضن معلمته ويمد يده في جيبه ويخرج وردة جميلة ويمنحها إياها بكل حب....
.
نجوي حسيب
تعليقات
إرسال تعليق