مطلقة
قصة ~ مطلقة
الكاتبة ~ لوقاف جميلة ~ تكتب...
~~~~~~~~~~~~~~~
مطلقة
سنين من الجمر تحكي مشاعر امرأة أنهكتها قساوة الزمن ومرارة الحياة، قدرها المحطم وراء نافذة الجمال الرباني سحق أحلامها وحطم كبرياءها وجعلها امرأة أخرى غير التي كانت عليه ، لها من السحر مالا يوجد في بعض النساء وكأنها أخذت من أشعة الشمس لون بشرتها ومن الشجر الأخضر لون عيونها ، بيضاء ، حاجباها خطوط سطرت كرسالة عاشق يهوى الطبيعة ، أنفها المعتدل لا تجد له أثرا للتجميل بل صنع خالق أحسن فصور، شفتاها المحمرتان كشقائق النعمان استضلت بهما وجنتاها فبدت كتفاح أحمر ، جمال لم يستطع ذاك الوشاح الأسود إخفاءه لكن استطاع القدر أن يلون حياتها بسواد أحلام حُطمت بيد رجل انتهك قوانين الإنسانية وكتب على صفحات حياتها البيضاء حروف الأمل المزيف ، وترك عليها بصمة طعنات لا يداويها الزمن ، تلك الوصمة التي كتبت حريتها مسلوبة الإرادة ، على صفحات حياتها أضحت وصمة عار أمام مجتمع لا يعترف بالمطلقات ويتركهن على هامش عادات وتقاليد تزيد سكب الملح على الجروح ،
لا أحد يستطيع أن يترجم ذلك الإحساس الذي يراودها كل يوم ، نظراتهم التي تجعلها تنتحر ألف مرة قبل أن يخرج الحرف من ثغرها الباسم رغم قساوة ما تعانيه من كلمات جارحة تقطع الأنفاس وتزيد رنين المواجع .
لا أظن أننا نقدر على تحليل الوجع الذي تشعره ولا أن نتصفحه ، وحدها فقط من تدرك آهاتها وسنين غربة في حضن وغد لا يعرف معنى للرجولة ، أدخلها في صراع بين ذاتها المستترة بين فعل ومفعول به ، وبين نرجسية ظالمة مستبدة لا تعرف إلا حب الأنا ،فقدت معه معنى الأنوثة ، سحقت شخصيتها وجودها ، غرقت في مستنقع الضياع والحرمان ، وتاهت في دروب وضاعته ناسية أحلامها كفتاة تنتظر ذلك السند الذي تتكئ عليه لتقوى على البقاء،
جلي بها أن توقع تلك الورقة لتكتب قصة جديدة لحياتها بعيدا عن نرجسية وغد مغرور لا يرى غير جسد بلا روح ، وعليها أن تمحي كل الحروف التي خطها على صفحات حياتها ، وتحرق كل دفاتره ، عليها أن تنثر هباب الرحيل في حقوله لكي يجني بعدها رحيق العلقم ، وأن تزرع بذور الأمل الجميل في بستانها بعزيمة وإصرار لتجني بعدها شذا مستقبل زاهر ليس فيه وجع ، ليس فيه هزائم .
لوقاف جميلة
تعليقات
إرسال تعليق