رحيل
ق . ق ~ رحيل
الكاتبة ~ عايدة ناشد باسيلي ~ تكتب..
«««««««««««««««««««««
رحيل ..
رجعت بها الذاكرة، حين كانت في العاشرة من عمرها ،تلعب مع أختها "راشيل" في صالة المنزل، وأتى إلى مسمعها صوت والدها، يخبر والدتها بأنه كتب مبايعة ورشة الأحذية، التي يملكها، للأسطى "فهمي" رئيس العمال، فهو رجل طيب وكان أمينا في عمله. كان عليها أن تسرع بتجهيز حقائب السفر وملئها بما يستحق الحمل، وذلك في خلال يومين، قضتهما أمها في جدال مع أبيها معلنة دهشتها لأنهم لن يذهبوا إلي الأرض التي يقال بأنها "أرض الميعاد" تغيرت وجهة الرحلة المفاجئة من "فلسطين" إلى فرنسا، البلد التي ولدوا فيها وولد فيها أقاربهم أيضا.
وقع الخبر عليها كالصاعقة فهي لا تتصور أن تترك منزلها والشارع الذي ولدت فيه، وتودع جارتها وصديقتها المقربة "فاطمة" للأبد.
تنبهت لصوت مضيفة الطيران، وهي تعلن باللغتين العربية والفرنسية، وجوب ربط الأحزمة استعدادا للهبوط في مطار القاهرة، ساعدتها حفيدتها في ربط الحزام، ألقت بنظرها عبر نافذة الطائرة، رأت الأهرامات الثلاثة وأبا الهول، تخيلت نفسها مع زميلات المدرسة، يلتففن حول مشرفة الرحلة، يلححن عليها أن تسمح لهن بركوب الجمل، لكنها لم تسمح لهن إلا بالبغال فقط.
ترقرقت عيناها بالدموع، لأنها لن تستطيع الآن أيضا تحقيق تلك الأمنية، لخضوعها منذ عامين، لعملية دقيقة في فقرات عنقها.
قبل أن تلمس عجلات الطائرة أرض المطار، ارتسمت فوق شفتيها ابتسامة آمنة، وأغمضت عينيها إلى الأبد.
عايدة ناشد باسيلي
تعليقات
إرسال تعليق