ومن أحياها
قصة ~ومن أحياها
الكاتب ~ خليل الشلتوني ~ يكتب....
«««««««««««««««««««««
،،،،،ومن أحياها ،،،،،
الدكتور حسن طبيب جراحة القلب ،
مبدع ، ماهر ، متميز،
السعادة تغمر قلب الدكتور حسن وهو يستقبل صهره الجديد وأهله جميعا في بيته على وليمة كبيرة عامرة ،
وضعت الأطباق المميزة اللذيذة على طاولة الطعام في الصالة الانيقة،
كل الأمور كانت تسير بشكل رائع حتى سمع صوت هاتفه يصدح من بعيد ،
تناول تلفونه وما زالت الابتسامة تعلو فاه ،
_أهلاً وسهلًا بالدكتور عمر
_أهلاً بيك يا دكتور ،
أولاً أنا آسف ،
أعلم أنك بين عائلتك وصهرك الجديد ،
لكنها حالة حرجة حقاً ،
وصلنا شاب عنده انفجار في الشريان الأبهر وكما تعلم الأمر يستدعي جراحة عاجلة،
تنهد الدكتور حسن واختفت الابتسامة عن وجهه وهو يقول
_لا حول ولا قوة إلا بالله،
_ يا دكتور عندي ضيوف،
وهي المرة الأولى التي أدعوهم فيهم للبيت ،
لو سمحت
اعمل له الإسعافات اللازمة وغداً صباحاً بإذن الله نعمل له العملية ،
تغيرت نبرة صوت الدكتور عمر وهو يقول بصوت حزين
_دكتورنا الغالي ،
احتمالية أن يعيش هذا الشاب للغد ضعيفة جداً ، فهو في حدود الثلاثين من العمر ووضعه صعب جداً،
توتر الدكتور حسن فقال منفعلاً
_ ماذا أفعل يا دكتور ؟
_ وكيف لي أن أعتذر من الضيوف؟
_اعمل له الإسعافات اللازمة وغداً نعمل له العملية .
خفت صوت الدكتور عمر وهو يقول بصوت ضعيف
_أمرك يا دكتور ، سنعمل ما نستطيع والباقي على الله ،
وضع الدكتور حسن التلفون من يده بينما بقيت علامات التأثر واضحة على وجهه ،
حاول أن يصطنع ابتسامة خفيفة ولكنه أخفق أمام اضطراب عقله وقلبه وضميره .
جلس الضيوف على الطاولة ،
جلس الدكتور على مقعده كمن يجلس على الجمر
تناول أول لقمة فنزلت علقماً مراً في جوفه،
صراع كبير يهز أركان عقله وقلبه لا يستطيع منه هروب ،
نهض عن مقعده الشوكيّ وقال مخاطباً ضيوفه بكل حزم
_ حبايبي
أنتم أهل بيت وواجبكم علي كبير ولكن للأسف الشديد هناك واجب علي لا يحتمل التأخير ،
_ أرجوكم سامحوني
استدار الدكتور حسن نحو هاتفه وهو يسمع ثناء الضيوف
والدعاء له بالتوفيق،
تناول التلفون وبدون مقدمات قال
_ يا دكتور عمر
_أدخلوا المريض غرفة العمليات ، أنا في الطريق ،
ثلاثة أيام مضت .
أشرقت الشمس من جديد وزقزقت العصافير على الأغصان وتفتحت الورود في الحدائق .
يتجول الدكتور حسن على المرضى يرافقه الكثير من الأطباء الذين ينهلون من علمه وخبرته ،
نظر إلى الدكتور عمر مستفسراً مبتسماً
_أين مريض الشريان الأبهر ؟
تبسم الدكتور عمر وهو يقول
_ هو في الغرفة التالية
طفلتان أكبرهما خمس سنوات تقفان عند قدم والدهما يداعبون قدمه المتورمة برفق وحنان
تقدم الدكتور نحوه تسبقه دموعه
_ الحمد لله على سلامتك ، كيف الأمور الآن ؟
وقبل أن يسمع جوابًا كانت يده تداعب شعر الطفلتين وهو يردد في نفسه
_ الحمد لله ، يا ربي لك الحمد
ومن أحياها فكأنما أحيا الناس جميعا..
خليل الشلتوني
الأردن
تعليقات
إرسال تعليق