كسر القواعد



 قصة ~ كسر القواعد

الكاتبة ~ فريز  محمد سلمان  ~ تكتب....

«««««««««««««««««««««

كسر القواعد


يدلف إلى ذاكرتي بدون استئذان، يوشوشني " تعالي لنكسر القواعد".

أجيبه: " كم قاعدة كسرنا قبل أن يكسرني رحيلك؟ ".

أتريد أن أعدّهم لك واحدةً واحدة،أم أكتفي بالأولى؟ والتي تُعتبر جريمةٌ،بطلتها أنا، بقصدٍ أو بغير قصد؛وبغض النظر عن الدوافع، التي أوصلتنا إلى ذاك المطاف الأليم آنذاك.

 تبادلنا النظرات حينها، كانت الفرصةُ سانحةً لنا لنتسلل سوية إلى سطح البيت،بعدما تأكدنا أن أمي قد ابتعدت كثيرا، وعلى الأرجح قد وصلت بيت جدي، الذي يبعد عن بيتنا ربع ساعة، مشياً على الأقدام.

 كان قرار أبي أن نسكن البيت اليوم وقبل أن يكتمل بناؤه وكانت أمي مجبرة على تركنا، لتأتي بعفش البيت على دفعاتٍ حملًا على رأسها الصغير،

الوقت صباحًا ويجب أن تسرع قبل عودته  من العمل. 

  بيتنا كان قيد الإنشاء، وهو عبارة عن غرفتين كبيرتين وصالون، درج البيت لم يسور، وكذلك السطح، وهنا كان خوف أمي وتحذيراتها لعدم الصعود إليه.


ولكننا كنا طفلين مشاغبين يحبان الاكتشاف، في غفلة من الجميع، كنا على السطح.

المنظر ساحرٌ من الأعلى، سندسٌ رباني على مدّ النظر، بيوت الجيران الصغيرة، المتناثرة،بين بساتين الليمون، السيارات القليلة التي تمر بجانب بيتنا، بيت جدي الذي يبدو صغيرًا من هنا، كل هذا رأيناه سويًا،كان له سحره بالنسبة لمكتشفين صغيرين مثلنا.

في البداية كنا هادئين حذرين، نقترب من الحافة بحذر وننظر إلى الأسفل بخوف،ونتراجع بسرعة ونحن نضحك،ثم بدأنا اللعب، السطح فسيح وأقدامنا تطرقه ركضا وضحكاتنا في الريح تصهل، لا أدري كم امتد هذا الفرح، قبل أن يسقط أمامي هذا المشاغب على حافة السطح تماما،إثر مطاردتي له.

كان يكبرني  بسنتين ، الخوف والتأنيب، جعلاني أتمسك برجليه حتى لا ينزلق، قوتي الجسدية غير قادرةٍ على سحبه، لا أدري لما وقف عن الضحك،وعن الكلام.

ذاكرتي هنا تقطتع بعض المشاهد، أو تغيب عنها، ولكنها تثبت أنني أفلتّه عندما لاحت لي أمي وهي حاملة على رأسها مفرش التخت ذي النوابض والقوائم الحديدية البيضاء التي  يتوسطها أسدين متقابلين من النحاس والذي بقي في ذاكرتنا إلى مرحلة النضوج.

ماذا جرى؟ تضيع الصورة من ذاكرتي، وأغيب أنا عنها، لا أدري ، إلا أنّها تعود بي  لمنظرٍ مفزع، لحشدٍ كبير من الناس أمام بيتنا، وأنا أتقدم ببطء منهم، أفتشُ عن أمي وعنه، إلى أن نالت مني يديَّ عمتي صفعًا، لم أبكِ، كانت عيناي تبحثان عنه، وأعين الناس تنبئني أنه على قيد الحياة.


فريزة محمد سلمان


كسر القواعد

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع