الزاك 23



 قصة ~الزاك 23

الكاتب ~ ابو القاسم محمود ~ يكتب...

««««««««««««««««««««««

الزاك 23


صدقني أن الهجران قدر، بالروح التلاقي حاصل لم ينقطع!

أنا وأنت فتيل وشمع، ولا شك أنك يوما حارقي..

سأعد ذات اشتياق من ضلوعي جسرا إلى وطن الصمغ، فأنا محتاج لجرعة طابت على جمر الغضا،

فقد أخبرت في مهدي في لحظة بوح عن كمأ كالبطيخ في الخلجان، وعن "كركاز" صفرته تشفي وساوس الأنعام و عن  "حبالية " دمقسية بها الأزهار  وعن "طفسة" برائحة تسيل لعاب قطعاني وعن "حميظ" إليه تبكر أنثى الضأن، فتمسي ضرعها ملأى من الألبان والزبدة ..

وعن "خروب" به حب له تسجد رقاب النوق صاغرة..

وعن "أفياش" له تهفو شفاه الشاة مجبرة برغم الشوك..

فما بال (الرتم) جاث على الركب؟!

وما حل بالعتبات؟ أراها شاحبة والجوف مستعر..

هذا الوطن صاغه الخلاق من ذهب واستبرق، وفي ميزان الحب قد رجح، فمن يا ترى جدد العقد مع الجراد ليغتصب البيلسان ؟!

هذا الزاك إذ ألغي صداقته وأمقت كل أخباره، يباغتني بسيل الشوق ويجتاح، فيرديني إلى الإذلال أرجو الوصل، وأستل من العينين بعض الدمع لأطفئ نار أشواقي، وأستعير ثالثة فما تجدي..

وأرسل من قذى عيني لهفاتي إلى روحي إلى تربي إلى ذاتي..

ويأتي الرد عجلانا ..

فأدخل سوقه المنسي لأتبضع، وأبصر بائع "البطبوط" يرمقني فأبتاع مواسيا، حوانيت تصافحني، أشم تحت "خرقات " مبللة ربطات من النعنع..

وتأسرني جعجعة آلات لطحن البن و الزيتون والزعتر..

دكاكين غزاها الشيب وأصباغ وقد بهتت..

ومن بيت إلى بيت أمد يدي للجدران والأشجار والأحجار والأسقف!

وبالعبرات يغرقني رصيف الشارع المنكوب، يتمتم لي على مهل مشفانا من الإهمال، وأطرق باب ملعبنا على حاله بلا ماء ولا عشب فأسقي خده العطشان بأرطال من القبلات، مدارسنا أمر بها مشرعة بلا بواب، فتغلبني ملامحها وقد ذبلت من التفريط..

فأصرخ عاليا وحدي، وبالأقلام والقرطاس مباشرة وبالإيحاء، أواسي نخوة ماتت، وأفئدة مراكبها مسرعة إلى الحتف  بحب الذات.. و أذكر هادم اللذات..

أقرأ صورة المعراج، وأمتطي طائرتي الورقية...

أيتها الأم الرؤوم (شدي الحيل) لا تبك عينك، فأنت باقية ما بقي الطلح.


-أبوالقاسم محمود/ المغرب.

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع