حساء بنكهة الحرية



 ققج ~ حساء بنكهة الحرية

الكاتب ~ منير بهري~ يكتب...

««««««««««««««««««««

                  "حساء بنكهة الحرية ."                                                                                               بعد يوم مضن من العمل في الحقل تحت وقدة الشمس ، عادت الأم" ككالي" وهي من أصول مالية ،إلى كوخها وابنتها الرضيعة" نتاليا " فوق ظهرها قد أسلمت روحها للنوم ،قد وجدت ظهر أمها مهدا دافئا ، بينما الأب قد انضم إلى الجيش المالي يتعقب  المتمردين في الشعاب والغابات والكهوف، لا  يزور أسرته إلا بعد ثلاثة أشهر ، الأكواخ متباعدة تسح نورا خافتا ويخيم عليها صمت مريع  ، وضعت "نتاليا" ابنتها منهكة من الجوع الممض وقد استبد بها النوم ، وشرعت "كيكالي" توقد موقدها لإعداد حساء يدر على ثدييها حليبا لإرضاع ابنتها ، متحاملة على نفسها ، تتصفد عرقا وتؤنس وحدتها بأغنية هتكت بكارة الظلمة وأرسلت الريح زغرودتها ، بينما" كيكالي" تحرك بمغرف خشبي الحساء بشكل لولبي شرع القدر يحرك جنوده بمغرف من نار وحديد، فجأة داهم جنود ملثمون قرية "كيكالي "وهم مدججون ببنادق ، والشر مستطير كحصان جموح ،صوبوا الرصاص على" كيكالي" فأضرجت في دمائها ، حتى الحيوان لم يسلم من عدائهم، أسروا باقي الأسر واختطفوها من النوم ، وولوا هاربين ، لم يأبهوا للرضيعة، وخز الجوع نتاليا الرضيعة كما يخز شوك الصبار الأنامل، إلا أن شوك الصبار أسلم من هذا العدو ، لملمت ظلمة الليل الأحداث المؤلمة وطمرتها في جوفها ، ساد صمت مريب روض الكائنات وخدر حفيف الأشجار وتربع شبح الموت على عرش القرية  لكن جوع نتاليا لم يخبو ولم يخدر ، فأرسلت صرخات متتالية  كأنها نزيف لا ينضب، وأجاب مناد من السماء وسرعان ماانجابت بين المنعرجات سيارة روندروفر تنزل منها طبيبة أمريكية رفقة زوجها وهي متطوعة من الصليب الأحمر يتناهى إليها صوت نتاليا فتقتفي آثار الصوت الذي ينجاب من الكوخ انجياب الصبح من رحم الليل، لتحمل نتاليا وتضمها بسرعة إلى صدرها تناغيها والدموع الحارة تذرع خديها البضتين كما يذرع الفلاح الأرض بمحراثه الخشبي. انقطع الصوت رويدا رويدا تهتز معها رئتاها الصغيرتان،  وجدت الرضيعة في كتف الطبيبة وسادة لينة ، فاض قلب الطبيبة حنانا واتشحت بوشاح الإرادة فأخذت معها الرضيعة نتاليا ، بينما الأم مسجاة على الأرض وحساؤها قد تجمد ، وأغنيتها قد نكست كما نكست أعلام السلام، لكن للإنسانية رأي آخر فقد رعت الطبيبة نتاليا وتعهدتها بالحب والحدب إلى أن صارت ناشطة حقوقية تدافع عن حقوق المستضعفين .وهاهي نتاليا تنشد أغنية أمها وهي تعد حساء للعشاء لكن بنكهة خاصة وفي أجواء غير أجواء حرب العصابات.   

 الكاتب منير بهرى .المملكة المغربية

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع