رقصٌ على أنغام الكمان



 قصة ~ رقصٌ على أنغام الكمان

الكاتبة ~ رانيه الصباغ ~تكتب..

««««««««««««««««««

رقصٌ على أنغام الكمان

أمضيت سنيناً طويلة من عمري وأنا أقفز على رجلٍ واحدة فأنا نصف إنسان خلقت بنصف رأس ونصف جذع وبذراعٍ ورجلٍ واحدة .لم أكن أجيد التصفيق ولا ربط فردة حذائي وأكثر ما كان يحزنني أني لا أستطيع العزف على الكمان بيدٍ واحدة.

في إحدى الأيام دُعيت لحضور حفل موسيقي في مدينة تشطرها الحدود نصفين بين إقليم الشمال وإقليم الجنوب.

استمتعت بسماع الموسيقى وكان البعض يرقصون على أنغام الكمان وإذ بي قد لمحت نصف إنسان يحاول الرقص دون جدوى اقتربت منه وتفاجأت أن نصف وجهه يشبه نصف وجهي ونصف جسده يشبه نصف جسدي كأننا كنا كائناً واحداً وانشطرنا.لقد وجدت اليوم نصفي الآخر.

تجادلت معه؛ إن كنت النصف الأول أم النصف الثاني، ولأني خلقت منه تنازلت له عن الدرجة الأولى فكنت النصف الثاني.

التصقت به وبدأنا نرقص مع الأنغام ولأن رجلي أوجعتني من القفز سمح لي أن أتكئ عليه وقال لي في صمت:لو اتكأتِ عليّ طيلة العمر فلن أقول لكِ لا.

اتفقنا أن نذهب في الغد إلى طبيب جراح ليخيطنا معاً بعد أن تأكدنا أننا متطابقين بالنسج وزمرة الدم .

انتهى الحفل لكنهم لم يسمحوا لي بمرافقته إلى إقليم الجنوب ولم يسمحوا له بمرافقتي إلى إقليم الشمال .

قلت لهم:نحن كائن واحد ،فأجابوا:ممنوع. قلت لهم: نحن جيران. فأجابوا:ممنوع.

 وبقينا على الحدود والسياج الشائك بيننا . وظل هو جالساً على الأرض يعتصره الحزن وظللت أنا أحاول القفز عالياً حتى أراه.

                            بقلم رانيه الصباغ

تعليقات

المشاركات الشائعة من هذه المدونة

أنَّى لي بعِمَامةِ أبي

الحمل الوديع

أشواك للبيع